إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقًا، أَوْ يَمِينًا، فَهَلْ يَكُونُ ظِهَارًا، أَوْ مَا نَوَاهُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
فَصْلٌ وَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا. وَالْأَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِيهِ فَوَجَبَ كَوْنُهُ ظِهَارًا كَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ الظَّاهِرَةِ. فَلَوْ زَادَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَيْسَ بِظِهَارٍ. نَصَّ عَلَيْهِ (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقًا، أَوْ يَمِينًا فَهَلْ يَكُونُ ظِهَارًا، أَوْ مَا نَوَاهُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . إِذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، فَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ ظِهَارٌ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ. وَحَكَاهُ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ عَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا ; لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ أَوْقَعَهُ فِي الزَّوْجَةِ، فَكَانَ بِإِطْلَاقِهِ ظِهَارًا لِشَبَهِهَا بِظَهْرِ أُمِّهِ وَكَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ مَا نَوَاهُ ; لِأَنَّ النِّيَّةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُوجِبَةً، فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ صَادِقَةً. وَعَنْهُ: أَنَّ التَّحْرِيمَ يَمِينٌ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] . وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ إِذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الظِّهَارَ فَلَيْسَ بِظِهَارٍ، وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ، وَالطَّلَاقَ مَعًا كَانَ ظِهَارًا ; لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ، لَا يَكُونُ كَذَلِكَ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ، فَكَفَّارَةُ ظِهَارٍ، تُجْزِئُهُ كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَنَصَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ; لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، فَلَا تُوجِبُ كَفَارَّتَيْنِ. وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ لِلظِّهَارِ وَلِتَحْرِيمِ الْمَالِ ; لِأَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ أَوْجَبَ بِذَلِكَ فَكَذَا إِذَا اجْتَمَعَا.
[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الظِّهَارُ]
فَصْلٌ (وَيَصِحُّ مَنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) فَكُلُّ مَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ صَحَّ ظِهَارُهُ ; لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَخْتَصُّ النِّكَاحَ أَشْبَهَ الطَّلَاقَ. قَالَ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": فَإِنَّ أَحْمَدَ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ، وَفِي " الْمُوجَزِ " مُكَلَّفٌ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " وَ " الْوَجِيزِ " مَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ صَحَّ ظِهَارُهُ إِلَّا الْأَبُ، وَالسَّيِّدُ (مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ ذِمِّيًّا) عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِ ; لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute