للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَصِحُّ مِنَ الصَّبِيِّ ظِهَارٌ، وَلَا إِيلَاءٌ ; لِأَنَّهُ يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ فِي حَقِّهِ. وَيَصِحُّ مَنْ كُلِّ زَوْجَةٍ، فَإِنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ، أَوْ أُمِّ وَلَده لَمْ يَصِحَّ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

إِذَا حَنِثَ فَوَجَبَ صِحَّةُ ظُهَارِهِ كَالْمُسْلِمِ، وَكَجَزَاءِ صَيْدٍ، وَيُكَفِّرُ بِمَالٍ فَقَطْ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيُعْتِقُ بِلَا نِيَّةٍ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ الْعِتْقُ مِنْ مُرْتَدٍّ. وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": وَيُعْتِقُ ; لِأَنَّهُ مِنْ فَرْعِ النِّكَاحِ، أَوْ قَوْلٍ لَمُنْكَرٍ وَزَوْرٍ، وَالذِّمِّيُّ أَهْلٌ لِذَلِكَ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ مِنْهُ ; لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَصِحُّ مِنْهُ ; لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ. وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِكَفَّارَةِ الصَّيْدِ إِذَا قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ وَيَصِحُّ مِنْهُ الْعِتْقُ، لَا الصِّيَامُ، وَلَا تَمْتَنِعُ صِحَّةُ الظِّهَارِ بِامْتِنَاعِ بَعْضِ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ كَمَا فِي حَقِّ الْعَبْدِ. وَالنِّيَّةُ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ لِتَعْيِينِ الْفِعْلِ لِلْكَفَّارَةِ، فَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْكَافِرِ كَالنِّيَّةِ فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ. وَاقْتَضَى ذَلِكَ صِحَّتَهُ مِنَ الصَّبِيِّ، وَالْعَبْدِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ مِنَ الْعَبْدِ، وَإِنَّ مَنْ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ، وَهُوَ الطِّفْلُ وَزَائِلُ الْعَقْلِ بِجُنُونٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ، أَوْ نَوْمٍ، لَا يَصِحُّ مِنْهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.

(وَالْأَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنَ الصَّبِيِّ ظِهَارٌ، وَلَا إِيلَاءٌ ; لِأَنَّهُ يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ فِي حَقِّهِ) كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَجَبَتْ لِمَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ الْمُنْكَرِ وَالزَّوْرِ، وَذَلِكَ مَرْفُوعٌ عَنِ الصَّبِيِّ ; لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ. وَفِي " الْمَذْهَبِ " فِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " يُحْتَمَلُ أَلَّا يَصِحَّ ظِهَارُهُ ; لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الزُّورِ وَحُصُولِ التَّكْفِيرِ، وَالْمَأْثَمِ وَإِيجَابِ مَالٍ، أَوْ صَوْمٍ. قَالَ: وَأَمَّا الْإِيلَاءُ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: تَصِحُّ رِدَّتُهُ وَإِسْلَامُهُ وَذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِذِكْرِ اللَّهِ. وَإِنْ سَلَّمْنَا، فَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ أَهْلِ الْيَمِينِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ لِرَفْعِ الدَّعْوَى. (وَيَصِحُّ مَنْ كُلِّ زَوْجَةٍ) كَبِيرَةً كَانَتْ، أَوْ صَغِيرَةً مُسْلِمَةً، أَوْ ذِمِّيَّةً، أَمْكَنَ وَطْؤُهَا أَوْ لَا ; لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يَصِحُّ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا ; لِأَنَّ الظِّهَارَ لِتَحْرِيمِ وَطْئِهَا، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْهُ بِغَيْرِ الْيَمِينِ، وَجَوَابُهُ الْعُمُومُ، وَلِأَنَّهَا زَوْجَةٌ يَصِحُّ طَلَاقُهَا فَصَحَّ الظِّهَارُ مِنْهَا كَغَيْرِهَا.

(فَإِنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ، أَوْ أُمِّ وَلَدٍ لَمْ يَصِحَّ) . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَمْرٍو،

<<  <  ج: ص:  >  >>