لَهُ عِيَادَةُ الْمَرْضَى وَشُهُودُ الْجَنَائِزِ، مَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنِ الْحُكْمِ. وَلَهُ حُضُورُ الْوَلَائِمِ، وَإِنْ كَثُرَتْ تَرَكَهَا كُلَّهَا، وَلَمْ يُجِبْ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ.
وَيُوصِي الْوُكَلَاءَ وَالْأَعْوَانَ عَلَى بَابِهِ بِالرِّفْقِ بِالْخُصُومِ، وَقِلَّةِ الطَّمَعِ. وَيَجْتَهِدُ أَنْ يَكُونُوا شُيُوخًا أَوْ كُهُولًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ. وَيَتَّخِذُ كَاتِبًا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا عَدْلًا حَافِظًا عَالِمًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
هَذَا يَفْعَلُهُ لِنَفْعِ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ الْوَلَائِمِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَيُوَدِّعُ الْغَازِيَ وَالْحَاجَّ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا أَشْغَلَهُ حُضُورُ ذَلِكَ عَنِ الْحُكْمِ فَلَا ; لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالْفَصْلِ بَيْنَ الْخُصُومِ وَمُبَاشَرَةَ الْحُكْمِ أَوْلَى. (وَلَهُ حُضُورُ الْوَلَائِمِ) كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ بِحُضُورِهَا. (وَإِنْ كَثُرَتْ تَرَكَهَا كُلَّهَا) لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَنِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ، لَكِنَّهُ يَسْأَلُهُمُ التَّحْلِيلَ وَيَعْتَذِرُ. (وَلَمْ يُجِبْ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ) أَيْ: بِلَا عُذْرٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ كَسْرًا لِقَلْبِ مَنْ لَمْ يُجِبْهُ، إِلَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِعُذْرٍ يمنعه مِنْ مُنْكَرٍ أَوْ بُعْدٍ أَوِ اشْتِغَالٍ بِهَا زَمَنًا طَوِيلًا، فَلَهُ الْإِجَابَةُ لِأَنَّ عُذْرَهُ طَاعَةٌ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُكْرَهُ مُسَارَعَتُهُ إِلَى غَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ، مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ حُضُورُهَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ، وَقَدَّمَ: لَا يَلْزَمُهُ حُضُورُ وَلِيمَةِ عُرْسٍ، وَذَكَرَ لَهُ الْقَاضِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ حضور وَلِيمَة عُرْسٍ. وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُهَا. وَقِيلَ: إِنْ وَجَبَتْ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ.
فَرْعٌ: لَوْ تَضَيَّفَ رَجُلًا، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَجُوزُ. وَفِي الْفُنُونِ: لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ.
[يُوصِي الْقَاضِي الْوُكَلَاءَ وَالْأَعْوَانَ عَلَى بَابِهِ بِالرِّفْقِ بِالْخُصُومِ]
(وَيُوصِي الْوُكَلَاءَ وَالْأَعْوَانَ عَلَى بَابِهِ بِالرِّفْقِ بِالْخُصُومِ وَقِلَّةِ الطَّمَعِ) تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى الْفِعْلِ الْجَمِيلِ اللَّائِقِ بِمَجَالِسِ الْحُكَّامِ وَالْقُضَاةِ (وَيَجْتَهِدُ أَنْ يَكُونُوا شُيُوخًا أَوْ كُهُولًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ) لِأَنَّ فِي ضِدِّ ذَلِكَ ضَرَرًا بِالنَّاسِ، فَيَجِبُ أَنْ يُوصِيَهُمْ بِمَا يَزُولُ بِهِ الضَّرَرُ عَنْهُمْ، وَالْكُهُولُ وَالشُّيُوخُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ ; لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَأْتِيهِ النِّسَاءُ وَفِي اجْتِمَاعِ الشَّبَابِ بِهِنَّ ضَرَرٌ. (وَيَتَّخِذُ كَاتِبًا) أَيْ: يُبَاحُ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُسَنُّ ; لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute