للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجْلِسُهُ بِحَيْثُ يُشَاهِدُ مَا يَكْتُبُهُ، وَيَجْعَلُ الْقِمَطْرَ مَخْتُومًا بَيْنَ يَدَيْهِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَحْكُمَ إِلَّا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ. وَلَا يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ، وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ. وَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بَعْضُ خُلَفَائِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

- عَلَيْهِ السَّلَامُ - اسْتَكْتَبَ زَيْدًا وَغَيْرَهُ، وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ تَكْثُرُ أَشْغَالُهُ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ جَازَ، وَالْأَوْلَى الِاسْتِنَابَةُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ السَّامَرِيِّ: أَنَّهُ لَا يُتَّخَذُ إِلَّا مَعَ الْحَاجَةِ. وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ (مُسْلِمًا) لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا} [آل عمران: ١١٨] ، (مُكَلَّفًا) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يُوثَقُ بِقَوْلِهِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَالْفَاسِقِ. (عَدْلًا) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَوْضِعُ أَمَانَةٍ. (حَافِظًا عالما) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إِعَانَةً عَلَى أَمْرِهِ، وَأَنْ يَكُونَ عَارِفًا قَالَهُ فِي الْكَافِي لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَارِفًا أَفْسَدَ مَا يَكْتُبُهُ بِجَهْلِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا فِي عَامِلِ الزَّكَاةِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ وَرِعًا نَزِهًا جَيِّدَ الْخَطِّ. (يُجْلِسُهُ بِحَيْثُ يُشَاهِدُ مَا يَكْتُبُهُ) أَيْ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُجْلِسَهُ بِحَيْثُ يُشَاهِدُ مَا يَكْتُبُهُ ; لِأَنَّهُ أَبْعَدُ لِلتُّهْمَةِ وَأَمْكَنُ لِإِمْلَائِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَعَدَ نَاحِيَةً جَازَ ; لِأَنَّ مَا يَكْتُبُهُ يُعْرَضُ عَلَى الْحَاكِمِ. مَسْأَلَةٌ: يُشْتَرَطُ فِي الْقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ حَاسِبًا ; لِأَنَّهُ عَمَلُهُ وَبِهِ يُقَسَّمُ، فَهُوَ كَالْخَطِّ لِلْكَاتِبِ، وَالْعِفَّةِ لِلْحَاكِمِ. (وَيَجْعَلُ الْقِمَطْرَ) هُوَ: بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ، أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ الَّذِي تُصَانُ فِيهِ الْكُتُبُ. (مَخْتُومًا بَيْنَ يَدَيْهِ) لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لَهُ مِنْ أَنْ يُغَيَّرَ. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَحْكُمَ إِلَّا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ) لِيَسْتَوْفِيَ بِهِمُ الْحُقُوقَ وَيُثْبِتَ بِهِمُ الْحُجَجَ وَالْمَحَاضِرَ، وَيَحْرُمُ تَعْيِينُهُ قَوْمًا بِالْقَبُولِ ; لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ وَجَبَ قَبُولُ شَهَادَتِهِ. (وَلَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ) أَيْ: لَا يُنَفِّذُ حُكْمَهُ لِنَفْسِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لَهَا، وَيَتَحَاكَمُ هُوَ وَخَصْمُهُ إِلَى قَاضٍ آخَرَ أَوْ بَعْضِ خُلَفَائِهِ ; لِأَنَّ عُمَرَ حَاكَمَ أُبَيًّا إِلَى زَيْدٍ، وَحَاكَمَ عُثْمَانُ طَلْحَةَ إِلَى جُبَيْرٍ. (وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ) ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إِجْمَاعًا كَشَهَادَتِهِ لَهُ. (وَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بَعْضُ خُلَفَائِهِ) لِزَوَالِ التُّهْمَةِ. (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ) هَذَا رِوَايَةٌ فِي الْمُبْهِجِ، وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَأَبُو ثَوْرٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>