للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّعَوَاتِ وَالْإِجَابَةُ إِلَيْهَا مُسْتَحَبَّةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ.

وَإِذَا حَضَرَ وَهُوَ صَائِمٌ صَوْمًا وَاجِبًا لَمْ يُفْطِرْ، وَإِنْ كَانَ نَفْلًا أَوْ كَانَ مُفْطِرًا، اسْتُحِبَّ لَهُ الْأَكْلُ، فَإِنْ أَحَبَّ، دَعَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) أَيْ: إِذَا تَكَرَّرَ فِعْلُ الْوَلِيمَةِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ جَازَ؛ لِمَا رَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُبَيٍّ أَنَّهُ عَرَّسَ الْأَنْصَارُ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، لَكِنْ إِنْ كَانَ فِي الثَّانِي فَيُسْتَحَبُّ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَيُكْرَهُ فِي الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةٍ مَرَّتَيْنِ فَأَجَابَ، فَلَمَّا دُعِيَ الثَّالِثَةَ حَصَبَ الرَّسُولَ رَوَاهُ الْخَلَّالُ (أَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ لَمْ تَجِبِ الْإِجَابَةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ اخْتِلَاطَ طَعَامِهِمْ بِالْحَرَامِ وَالنَّجَاسَةِ، وَدَعْوَاهُ الْجَفْلَى وَإِجَابَةُ الذِّمِّيِّ قِيلَ بِجَوَازِهَا، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الذِّمِّيِّ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: يَأْكُلُ عِنْدَ الْمَجُوسِيِّ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ، مَا لَمْ يَأْكُلْ مِنْ قُدُورِهِمْ.

(وَسَائِرُ الدَّعَوَاتِ وَالْإِجَابَةِ إِلَيْهَا مُسْتَحَبَّةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ) قَطَعَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي كُتُبِهِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِطْعَامِ الطَّعَامِ، وَجَبْرِ الْقُلُوبِ؛ وَلِأَنَّ فِي فِعْلِهَا شُكْرًا لِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِظْهَارًا لِإِحْسَانِهِ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَمُثَنَّى: يَجِبُ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا قَالَ: «إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ، عُرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عُرْسٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَجَوَابُهُ بِحَمْلِهِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، مَعَ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَى إِبَاحَةِ بَقِيَّةِ الدَّعَوَاتِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْعَقِيقَةُ، فَإِنَّهَا تُسَنُّ، وَعَنْهُ: تُكْرَهُ دَعْوَةُ الْخِتَانِ؛ لِقَوْلِ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: «كُنَّا لَا نَأْتِي الْخِتَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا نُدْعَى إِلَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَكَالْمَأْتَمِ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ: أَنَّ الْإِجَابَةَ إِلَى دَعْوَةِ الْخِتَانِ مُبَاحَةٌ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ كَعَمَلِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْإِجَابَةِ مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي " الْغُنْيَةِ ": يُكْرَهُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ الْمُسَارَعَةُ إِلَى إِجَابَةِ الطَّعَامِ وَالتَّسَامُحِ؛ لِأَنَّ فِيهِ دَنَاءَةً وَشَرَهًا لَا سِيَّمَا الْحَاكِمُ.

[إِذَا حَضَرَ الْوَلِيمَةَ وَهُوَ صَائِمٌ صَوْمًا وَاجِبًا]

(وَإِذَا حَضَرَ وَهُوَ صَائِمٌ صَوْمًا وَاجِبًا لَمْ يُفْطِرْ) يَعْنِي: أَنَّ الصَّائِمَ إِذَا دُعِيَ تَسْقُطُ الْإِجَابَةُ، فَإِذَا حَضَرَ وَكَانَ الصَّوْمُ وَاجِبًا لَمْ يُفْطِرْ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>