للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّاعِي الْمُسْلِمُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ دَعَى الْجَفْلَى كَقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَعَالَوْا إِلَى الطَّعَامِ، أَوْ دَعَاهُ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، أَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ، لَمْ تَجِبِ الْإِجَابَةُ، وَسَائِرُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَيُتْرَكُ لَهَا الْفُقَرَاءُ، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ كُلَّ طَعَامِ الْوَلَائِمِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَمَا أَمَرَ بِهَا وَلَا نَدَبَ إِلَيْهَا، وَاسْتَحَبَّ فِي " الْغُنْيَةِ " إِجَابَةَ وَلِيمَةِ عُرْسٍ، وَكَرِهَ حُضُورَ غَيْرِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَصَفَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّهَا إِكْرَامٌ وَمُوَالَاةٌ، أَشْبَهَ رَدَّ السَّلَامِ، وَقِيلَ: مُسْتَحَبَّةٌ لِفِعْلِهَا، وَعَنْهُ: إِنْ دَعَاهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ فَإِجَابَتُهُ أَفْضَلُ (إِذَا عَيَّنَهُ الدَّاعِي الْمُسْلِمُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) فَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ إِلَيْهَا شُرُوطٌ مِنْهَا: أَنْ يُعَيِّنَ الدَّاعِي الْمَدْعُوَّ بِالدَّعْوَى، فَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ كَقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا إِلَى الْوَلِيمَةِ لَمْ يُجِبْ؛ لِعَدَمِ كَسْرِ الْقَلْبِ، وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُسْلِمًا، فَلَا تَجِبُ بِدَعْوَى الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلْإِكْرَامِ وَالْمُوَالَاةِ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي حَقِّهِ، وَعَنْهُ: فِي جَوَازِ تَهْنِئَتِهِمْ وَتَعْزِيَتِهِمْ وَعِيَادَتِهِمْ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا يُخَرَّجُ فِي إِجَابَتِهِمْ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَلَّا يَجُوزَ هَجْرُهُ، فَإِنْ جَازَ كَمُبْتَدِعٍ وَنَحْوِهِ لَمْ تَجِبْ، وَمَنَعَ فِي " الْمِنْهَاجِ " مِنْ فَاسِقٍ وَمُبْتَدَعٍ وَمُفَاخِرٍ بِهَا، أَوْ فِيهَا مُبْتَدِعٌ يَتَكَلَّمُ بِبِدْعَتِهِ إِلَّا لِرَادٍّ عَلَيْهِ، وَكَذَا مُضْحِكٌ بِفُحْشٍ أَوْ كَذِبٍ، وَإِلَّا أُبِيحَ الْقَلِيلُ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": إِنْ عَلِمَ حُضُورَ الْأَرَاذِلِ، وَمَنْ مُجَالَسَتُهُمْ تُزْرِي بِمِثْلِهِ لَمْ يُجِبْ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ فِي الثَّانِي لَمْ يُجِبْ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا، قَالَ: «طَعَامُ أَوَّلِ يَوْمٍ حَقٌّ، وَالثَّانِي سُنَّةٌ، وَالثَّالِثُ سُمْعَةٌ، وَمَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ كَثِيرُ الْغَرَائِبِ، وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ، وَكَذَا الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَكْسَبُهُ طَيِّبًا فِي الْمَنْصُوصِ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا مُنْكَرًا، وَسَيَأْتِي.

(فَإِنْ دَعَى الْجَفْلَى كَقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَعَالَوْا إِلَى الطَّعَامِ) أَوْ يَقُولُ الرَّسُولُ أُمِرْتُ أَنْ أَدْعُوَ مَنْ لَقِيتُ أَوْ شِئْتُ، فَهَذِهِ دَعْوَةٌ عَامَّةٌ لَا يُخَصُّ فِيهَا أَحَدٌ (أَوْ دَعَاهُ فِيمَا بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>