للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ إِلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى.

وَلِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا الْحَالَّ، فَإِنْ تَبَرَّعَتْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالنِّسْوَةِ، فَلَمَّا أَتَيْنَ لَمْ يَلْبَثْنَ أَنِ اعْتَرَفْنَ بِمَا صَنَعْنَ، فَقَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: اقْضِ فِيهَا، فَقَالَ: الْحَدُّ عَلَى مَنْ قَذَفَهَا، وَالْعُقْرُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْمُمْسِكَاتِ؛ وَلِأَنَّهُ إِتْلَافٌ يُسْتَحَقُّ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْعَقْدِ فَإِذَا أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ، وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا، فَدَفَعَهَا هُوَ وَأَخُوهُ، فَأَذْهَبَا عُذْرَتَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ إِنَّ عَلَى الزَّوْجِ نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَعَلَى الْأَخِ نِصْفُ الْعُقْرِ، رَوَي عَنْ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَهَذِهِ قِصَصٌ مُشْتَهِرَةٌ، وَلَمْ تُنْكَرْ، فَكَانَتْ كَالْإِجْمَاعِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْقِيَاسُ، لَوْلَا مَا رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَا بَيْنَ مَهْرِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ (وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الزَّوْجُ، ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] الْآيَةَ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا يَسْتَحِقُّ إِتْلَافَهُ بِالْعَقْدِ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ كَغَيْرِهِ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ عُذْرَةَ أَمَتِهِ، وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَجِبَ لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا، فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ الصَّدَاقُ، فَفِيمَا إِذَا فَعَلَهُ الزَّوْجُ أَوْلَى، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ، وَقِيلَ: بَلَى، إِنْ قِيلَ: يَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَرْشُهَا، فَيُعْطَى حُكْمَهُ مِنْ حِينِ الْإِتْلَافِ، وَيَمْتَازُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْمُسَمَّى؛ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ.

فَرْعٌ: لَوْ وَطِئَ مَيِّتَةً لَزِمَهُ الْمَهْرُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ مَنْ دَخَلَ بِهَا فَوَضَعَتْ فِي يَوْمِهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِيهِ، وَطَلَّقَ قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِي يَوْمِهَا مَنْ دَخَلَ بِهَا، فَقَدِ اسْتَحَقَّتْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بِالنِّكَاحِ مَهْرَيْنِ وَنِصْفَ، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي فَتَاوِيهِ.

[لِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا الْحَالَّ]

(وَلِلْمَرْأَةِ) سُمِّيَ لَهَا أَوْ مُفَوِّضَةً (مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا الْحَالَّ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّ فِي إِجْبَارِهَا أَوَّلًا عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا خَطَرًا بِإِتْلَافِ الْبُضْعِ، وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ، وَقِيلَ: أَوْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَسَافَرَ بِلَا إِذْنِهِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَهَا النَّفَقَةُ إِذَا امْتَنَعَتْ - وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا - وَالسَّفَرُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ امْتِنَاعٌ بِحَقٍّ، أَشْبَهَ مَا لَوِ امْتَنَعَتْ لِلْإِحْرَامِ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَّلَ أَحْمَدُ وُجُوبَ النَّفَقَةِ بِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>