مُطَالَبًا بِهِ.
وَتَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ، فَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ مَلَكَ عَبْدًا أَوْ زَوْجَةً أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ لَمْ تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ، وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ قَبْلَ الْغُرُوبِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَنَفَقَتِهِ، لَكِنْ لَوْ أَخْرَجَ الْعَبْدُ بِلَا إِذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَقِيلَ: إِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدَهُ مَالًا، وَقُلْنَا: يَمْلِكُهُ، فَفِطْرَتُهُ عَلَيْهِ مِمَّا فِي يَدِهِ، فَعَلَى هَذَا يُخْرِجُ الْعَبْدُ عَنْ عَبْدِهِ مِنْهُ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ إِذَا أَخْرَجَ بِإِذْنِهِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، فَلَوْ أَخْرَجَ عَمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ بِإِذْنِهِ أَجْزَأَ، وَإِلَّا فَلَا.
قَالَ الْآجُرِّيُّ: هَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ.
مَسْأَلَةٌ: مَنْ لَزِمَهُ فِطْرَةُ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، أَخْرَجَهَا مَكَانَهُمَا، كَمَالٍ مُزَكًّى فِي غَيْرِ بَلَدِ مَالِكِهِ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ يُخْرِجُهَا مَكَانَهُ لِفِطْرَةِ نَفْسِهِ.
فَرْعٌ: مَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، لَمْ يَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِنْفَاقٍ، وَإِنَّمَا هُوَ إِيصَالُ الْمَالِ مِنْ حَقِّهِ، قَالَهُ الْقَاضِي، أَوْ لِأَنَّهُ لَا مَالِكَ لَهُ مُعَيَّنٌ، كَعَبِيدِ الْغَنِيمَةِ قبل الغنيمة وَالْفَيْءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
[لَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ]
(وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ) لِتَأَكُّدِهَا بِدَلِيلِ وُجُوبِهَا عَلَى الْفَقِيرِ، وَشُمُولِهَا لِكُلِّ مُسْلِمٍ قَدَرَ عَلَى إِخْرَاجِهَا، فَجَرَى مَجْرَى النَّفَقَةِ، بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ، فَإِنَّهَا تَجِبُ بِالْمِلْكِ، وَالدَّيْنُ يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَالْفِطْرَةُ تَجِبُ عَلَى الْبَدَنِ، وَهُوَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِيهِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُطَالَبًا بِهِ) فَيَمْنَعُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، لِوُجُوبِ أَدَائِهِ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ، وَتَأَكُّدِهِ بِكَوْنِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ لَا يَسْقُطُ بِالْإِعْسَارِ، أَشْبَهَ مَنْ لَا فَضْلَ عِنْدَهُ، وَعَنْهُ: يَمْنَعُ مُطْلَقًا، وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، كَزَكَاةِ الْمَالِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: عَكْسَهُ، لِتَأَكُّدِهَا كَالنَّفَقَةِ وَالْخَرَاجِ.
[وَقْتُ إِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ]
(وَتَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ. فَأَضَافَ الصَّدَقَةَ إِلَى الْفِطْرِ، فَكَانَتْ وَاجِبَةً بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ وَالسَّبَبِيَّةَ، وَأَوَّلُ فِطْرٍ يَقَعُ مِنْ جَمِيعِ رَمَضَانَ بِمَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ (فَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ: بَعْدَ الْغُرُوبِ (أَوْ مَلَكَ عَبْدًا وَزَوْجَةً، أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ لَمْ يَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِعَدَمِ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ، وَعَنْهُ: يَمْتَدُّ وَقْتُ الْوُجُوبِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute