للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْخُصُومَةِ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ، وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْقَبْضِ كَانَ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي قَبْضِ الْحَقِّ مِنْ إِنْسَانٍ لَمْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

التِّجَارَةِ وَكَمَا لَوْ قَالَ: بِعْ مِنْ مَالِي مَا شِئْتَ، وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي شِرَاءَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لِجَعْلِهِ الْكُفْرَ عَيْبًا.

[إِذَا وَكَّلَهُ فِي الْخُصُومَةِ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ]

(وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْخُصُومَةِ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ) ، لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ نُطْقًا، وَلَا عُرْفًا، لِأَنَّهُ قَدْ يَرْضَى لِلْخُصُومَةِ مَنْ لَا يَرْضَاهُ لِلْقَبْضِ، إِذْ مَعْنَى الْوَكَالَةِ فِي الْخُصُومَةِ الْوَكَالَةُ فِي إِثْبَاتِ الْحَقِّ، وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْقَبْضِ، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقَطْعِ الْخُصُومَةِ، وَلَا تَنْقَطِعُ إِلَّا بِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ جَوَازُ التَّوْكِيلِ فِي الْخُصُومَةِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: ١٠٥] أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْ غَيْرِهِ فِي إِثْبَاتِ حَقٍّ، أَوْ نَفْيِهِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِ، وَفِي " الْمُغْنِي " فِي الصُّلْحِ نَحْوُهُ، وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ عَلِمَ ظُلْمَ مُوَكِّلِهِ فِي الْخُصُومَةِ. قَالَهُ فِي " الْفُنُونِ " فَظَاهِرُهُ يَصِحُّ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ، فَلَوْ ظَنَّ ظُلْمَهُ جَازَ وَيَتَوَجَّهُ الْمَنْعُ وَمَعَ الشَّكِّ احْتِمَالَانِ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِقَبْضٍ، وَلَا غَيْرِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَيُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بِعَيْبٍ فِيمَا بَاعَهُ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ: لَا، وَلَهُ إِثْبَاتُ وَكَالَتِهِ فِي غَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ قَالَ: أَجِبْ خَصْمِي عَنِّي احْتَمَلَ الْخُصُومَةَ وَاحْتَمَلَ بُطْلَانَهَا، ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ " (وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْقَبْضِ كَانَ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّهُ لَا يَتَوَصَّلُ إِلَى الْقَبْضِ إِلَّا بِالتَّثَبُّتِ فَكَانَ إِذْنًا فِيهِ عُرْفًا، لِأَنَّ الْقَبْضَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ فَمَلَكَهُ، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ مَلَكَ تَسْلِيمَ ثَمَنِهِ، وَالثَّانِي: لَا يَمْلِكُهَا، لِأَنَّهُمَا مَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ فَالْوَكِيلُ فِي أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي الْآخَرِ وَكَعَكْسِهِ، وَأَطْلَقَ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " الْخِلَافَ.

وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ عَالِمًا بِجَحْدِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، أَوْ مَطْلِهِ كَانَ تَوْكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ لِوُقُوفِ الْقَبْضِ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْجَوَازِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَقِّ عَيْنًا، أَوْ دَيْنًا.

(وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي قَبْضِ الْحَقِّ مِنْ إِنْسَانٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُهُ مِنْ وَارِثِهِ) ، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>