للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُنْ لَهُ قَبْضُهُ مِنْ وَارِثِهِ، وَإِنْ قَالَ: اقْبِضْ حَقِّيَ الَّذِي قَبِلَهُ فَلَهُ الْقَبْضُ مِنْ وَارِثِهِ، وَإِنْ قَالَ: اقْبِضْهُ الْيَوْمَ لَمْ يَمْلِكْ قَبْضَهُ غَدًا، وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْإِيدَاعِ فَأَوْدَعَ، وَلَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ فَقَضَاهُ، وَلَمْ يُشْهِدْ، فَأَنْكَرَهُ الْغَرِيمُ ضَمِنَ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِذَلِكَ، وَلَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ لَهُ قَبْضَهُ مِنْ وَكِيلِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ، فَإِنْ قُلْتَ: فَالْوَارِثُ نَائِبٌ عَنِ الْمَوْرُوثِ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ إِذَا دَفَعَ بِإِذْنِهِ جَرَى مَجْرَى تَسْلِيمِهِ، وَلَيْسَ الْوَارِثُ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ إِلَيْهِمْ وَاسْتُحِقَّتِ الْمُطَالَبَةُ عَلَيْهِمْ لَا بِطْرِيقَ النِّيَابَةِ عَنِ الْمَوْرُوثِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا حَنِثَ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ دُونَ مُوَرِّثِهِ (وَإِنْ قَالَ: اقْبِضْ حَقِّي الَّذِي قَبِلَهُ) ، أَوْ عَلَيْهِ (فَلَهُ الْقَبْضُ مِنْ وَارِثِهِ) ، لِأَنَّ الْوَكَالَةَ اقْتَضَتْ قَبْضَ حَقِّهِ مُطْلَقًا فَشَمَلَ الْقَبْضَ مِنَ الْوَارِثِ، لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّهِ (وَإِنْ قَالَ: اقْبِضْهُ الْيَوْمَ لَمْ يَمْلِكْ قَبْضَهُ غَدًا) لِتَقْيِيدِهَا بِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ، لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَصُّ غَرَضُهُ فِي زَمَنِ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ (وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْإِيدَاعِ فَأَوْدَعَ، وَلَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَضْمَنْ) إِذَا أَنْكَرَ الْمُودَعُ، نَقَلَهُ الْأَصْحَابُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الْإِشْهَادِ، إِذِ الْمُودَعُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ، وَالتَّلَفِ، فَلَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا فِي عَدَمِ الْإِشْهَادِ، وَفِيهِ وَجْهٌ.

وَذَكَرُهُ الْقَاضِي رِوَايَةً أَنَّهُ يَضْمَنُ، لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ، وَبِأَنَّ الْفَائِدَةَ فِي الْإِشْهَادِ هُوَ ثُبُوتُ الْوَدِيعَةِ، فَلَوْ مَاتَ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ: دَفَعْتُ الْمَالَ إِلَى الْمُودَعِ، فَأَنْكَرَ قُبِلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ، لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي تَصَرُّفِهِ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ.

(وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ فَقَضَاهُ، وَلَمْ يُشْهِدْ، فَأَنْكَرَهُ الْغَرِيمُ ضَمِنَ) الْوَكِيلُ، لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ حَيْثُ لَمْ يُشْهِدْ.

قَالَ الْقَاضِي: سَوَاءٌ صَدَّقَهُ، أَوْ كَذَّبَهُ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ فِي قَضَاءٍ مُبَرِّئٍ، وَلَمْ يُوجَدْ (إِلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ) ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ حُضُورَهُ قَرِينَةُ رِضَاهُ بِالدَّفْعِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّاكِتَ لَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ قَوْلٌ، وَعَنْهُ: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أُمِرَ بِالْإِشْهَادِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " لِتَفْرِيطِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>