فَصْلٌ إِذَا شَكَّ فِي الرَّضَاعِ، أَوْ عَدَدِهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ، وَإِنْ شَهِدَ بِهِ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ ثَبَتَ بِشَهَادَتِهَا. وَعَنْهُ: أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَرْضِيَّةً اسْتُحْلِفَتْ، فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً لَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ عَلَيْهَا حَتَّى يَبْيَضَّ ثَدْيَاهَا، وَذَهَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[فَصْلٌ: الشَّكُّ فِي الرَّضَاعِ وَعَدَدِهِ]
فَصْلٌ (إِذَا شَكَّ فِي الرَّضَاعِ، أَوْ عَدَدِهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ (وَإِنْ شَهِدَ بِهِ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ ثَبَتَ بِشَهَادَتِهَا) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ لِمَا «رَوَى عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: وَكَيْفَ، وَقَدْ زَعَمَتْ ذَلِكَ فَنَهَاهُ عَنْهَا، وَفِي رِوَايَةٍ: دَعْهَا عَنْكَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: فُرِّقَ بَيْنَ أَهْلِ أَبِيَاتٍ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى عَوْرَةٍ فَتُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ كَالْوِلَادَةِ ; وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ النِّسَاءِ الْمُنْفَرِدَاتِ، فَتُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ، يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَجُوزُ فِي الرَّضَاعِ مِنَ الشُّهُودِ، فَقَالَ: رَجُلٌ، أَوِ امْرَأَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي مَتْنِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ مَرْضِيَّةً أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا لِلْخَبَرِ، وَالْمُتَبَرِّعَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ، قِيلَ: مَعَ الْيَمِينِ، قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَلِأَنَّهُ فِعْلٌ لَا يَحْصُلُ لَهَا بِهِ نَفْعٌ مَقْصُودٌ، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهَا ضَرَرًا، لَا يُقَالُ: إِنَّهَا تَسْتَبِيحُ الْخُلْوَةَ وَالسَّفَرَ مَعَهُ، وَتَصِيرُ مَحْرَمًا لَهُ ; لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنَ الْأُمُورِ الْمَقْصُودَةِ الَّتِي تَرِدُ بِهَا الشَّهَادَةُ، أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ زَوَّجْتَهُ وَأَعْتَقَ أَمَتَهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ حَلَّ لَهُمَا نِكَاحُهَا بِذَلِكَ (وَعَنْهُ: أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَرَضِيَّةً اسْتُحْلِفَتْ) مَعَ شَهَادَتِهَا (فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً لَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ عَلَيْهَا حَتَّى يَبْيَضَّ ثَدْيَاهَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute