للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَغْصُوبِ أُجْرَةً فَعَلَى الْغَاصِبِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ بَقَائِهِ فِي يَدِهِ، وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ فِي ذَلِكَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ، وَإِنْ تَلِفَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْمَشَاعِ، ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَلَوْ شَقَّ ثَوْبَهَ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَيَضْمَنُ نَقْصَهُ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: يُخَيَّرُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

[فَصْلُ كَانَتْ لِلْمَغْصُوبِ أُجْرَةٌ]

فَصْلٌ (وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَغْصُوبِ أُجْرَةٌ) أَيْ: مِمَّا تَصِحُّ إِجَارَتُهُ (فَعَلَى الْغَاصِبِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ بَقَائِهِ فِي يَدِهِ) نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَسَوَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ أَوْ تَرَكَهَا تَذْهَبُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا ضُمِنَ بِالْإِتْلَافِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ جَازَ أَنْ يَضْمَنَهُ بِمُجَرَّدِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ كَالْأَعْيَانِ، لَكِنْ نَصَّ فِي قَضَايَا فِيهَا انْتِفَاعٌ، يُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ إِنْ زَرَعَ بِلَا إِذْنٍ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ بِقَدْرِ مَا اسْتَغَلَّهَا، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَسْتَغِلَّهَا.

وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُ الْمَنَافِعَ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» وَضَمَانُهَا عَلَى الْغَاصِبِ وَكَغَنَمٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ مُطَاوِعَةٍ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا مُتَقَوَّمًا، فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَالْعَيْنِ، وَالْخَبَرُ وَارِدٌ فِي الْبَيْعِ، وَالْمَرْأَةُ رَضِيَتْ بِإِتْلَافِ مَنَافِعِهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَا عَقْدٍ، فَكَانَ كَالْإِعَارَةِ، وَالْغَنَمُ وَنَحْوُهَا لَا مَنَافِعَ لَهَا تُسْتَحَقُّ بِعِوَضٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا لَمْ يَضْمَنْ مَهْرَهَا؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ لَا تَتْلَفُ إِلَّا بِالِاسْتِيفَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَلَوْ أَطْرَقَ الْفَحْلَ لَمْ يَضْمَنْ مَنْفَعَتَهُ، لَكِنْ عَلَيْهِ ضَمَانُ نَقْصِهِ، وَلَوْ أَخَذَ مَالِكُ الْأَرْضِ الزَّرْعَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْغَاصِبِ أُجْرَةٌ، إِلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَتِهِ، فَتَكُونَ لَهُ الْأُجْرَةُ إِلَى وَقْتِ أَخْذِهِ (وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ عَنْ ذَلِكَ) نَقَلَهَا عَنْهُ مُحَمَّدُ عَبْدُ الْحَكَمِ فَيَمَنْ غَصَبَ دَارًا فَسَكَنَهَا عِشْرِينَ سَنَةً: لَا أَجْتَرِي أَنْ أَقُولَ: عَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا سَكَنَ، فَدَلَّ عَلَى تَوَقُّفِهِ عَنْ إِيجَابِ الْأَجْرِ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>