خُفٍّ تَلِفَ أَحَدُهُمَا، فَعَلَيْهِ رَدُّ الْبَاقِي وَقِيمَةُ التَّلَفِ وَأَرْشُ نَقْصِهِ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْصِ، وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبِقَ، أَوْ فَرَسًا فَشَرَدَ، أَوْ شَيْئًا تَعَذَّرَ رَدُّهُ مَعَ بَقَائِهِ، ضَمِنَ قِيمَتَهُ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ رَدِّهِ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ، وَإِنْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، فَإِنِ انْقَلَبَ خَلًّا رَدَّهُ وَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَصِيرِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَقَصَ، نَصَرَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَصَلَ بِجِنَايَتِهِ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ، كَمَا لَوْ غَصَبَ ثَوْبًا يَنْقُصُهُ الشَّقُّ فَشَقَّهُ ثُمَّ تَلِفَ (وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْصِ) لِأَنَّ الْبَاقِيَ نَقْصُ قِيمَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ كَالنَّقْصِ لِتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ، وَجَوَابُهُ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ نَقْصَ السِّعْرُ لَمْ يَذْهَبْ مِنَ الْمَغْصُوبِ عَيْنٌ وَلَا مَعْنًى، وَهَاهُنَا فَوَّتَ عَلَيْهِ إِمْكَانَ الِانْتِفَاعِ بِهِ، فَوَجَبَ ضَمَانُ نَقْصِ قِيمَتِهِ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا عِشْرِينَ، وَالْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ يُسَاوِي خَمْسَةً، فَعَلَى الْأَوَّلِ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَعَلَى الثَّانِي عَشَرَةٌ (وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبِقِ، أَوْ فَرَسًا فَشَرَدَ، أَوْ شَيْئًا تَعَذَّرَ رَدُّهُ مَعَ بَقَائِهِ ضَمَّنَ قِيمَتَهُ) لِلْمَالِكِ لِلْحَيْلُولَةِ لَا أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ وَيَمْلِكُهَا، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " وَغَيْرِهَا خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا حَصَلَ بِهَا الِانْتِفَاعُ فِي مُقَابَلَةِ مَا فَوَّتَهُ الْغَاصِبُ (فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ رَدِّهِ) وَلَا يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ، بَلْ يَرُدُّهُ إِذَا قَدَرَ مَعَ نَمَائِهِ الْمُنْفَصِلِ، وَأَجْرَ مِثْلِهِ إِلَى حِينِ دَفْعِ بَدَلِهِ (وَأَخَذَ الْقِيمَةَ) أَيْ: الَّذِي أَخَذَهَا الْمَالِكُ بَدَلًا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِالْحَيْلُولَةِ وَقَدْ زَالَتْ، فَيَجِبُ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْ أَجْلِهَا إِنْ كَانَ بَاقِيًا بِعَيْنِهِ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ فِي الْفُسُوخِ، وَهَذَا فَسْخٌ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ؛ لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ الْبَدَلُ تَالِفًا فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَفِي حَبْسِهِ لِيَرُدَّ الْقِيمَةَ وَجْهَانِ، وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا مَعَ بَقَائِهَا.
(وَإِنْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ زَالَتْ تَحْتَ يَدِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهَا، وَقِيلَ: مِثْلُهُ مِنَ الْعَصِيرِ، جُزِمَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ "، وَ " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ بِانْقِلَابِهِ خَمْرًا (فَإِنِ انْقَلَبَ خَلًّا رَدَّهُ) لِأَنَّهُ عَيْنُ مِلْكِهِ (وَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَصِيرِ) إِنْ نَقَصَ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ تَحْتَ يَدِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ نَقَصَ مِنْهُ جُزْءٌ، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " لَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْعَصِيرِ؛ لِأَنَّ الْخَلَّ عَيْنُهُ، كَحَمَلٍ صَارَ كَبْشًا، وَيَسْتَرْجِعُ الْغَاصِبُ مَا أَدَّاهُ بَدَلًا عَنْهُ، وَإِنْ غَلَّاهُ غَرِمَ أَرْشَ نَقْصِهِ وَكَذَا نَقْصُهُ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ.
فَرْعٌ: لَوْ غَصَبَ جَمَاعَةً مَشَاعًا، فَرَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ سَهْمَ آخَرَ إِلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ حَتَّى يُعْطَى شُرَكَاؤُهُ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إِنْ صَالَحُوهُ بِمَالٍ عَنْهُ، نَقَلَهُ حَرْبٌ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ بَيْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute