للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَوْضِعِ أَذَانِهِ إِلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ،

وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ إِلَّا مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا، فَإِنْ نَكَّسَهُ، أَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ أَوْ كَلَامٍ كَثِيرٍ أَوْ مُحَرَّمٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ،

وَلَا يَجُوزُ إِلَّا بَعْدَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

- عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: «أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ فَأَذَّنَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَقِمْ أَنْتَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَوَلَّاهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَلَوْ سُبِقَ الْمُؤَذِّنُ بِالْأَذَانِ، فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُقِيمَ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَوْ أَعَادَ الْأَذَانَ كَمَا صَنَعَ أَبُو مَحْذُورَةَ، فَإِنْ أَقَامَ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةٍ فَلَا بَأْسَ.

(وَيُقِيمَ فِي مَوْضِعِ أَذَانِهِ) لِقَوْلِ بِلَالٍ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ» لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُقِيمُ فِي الْمَسْجِدِ لَمَا خَافَ أَنْ يَسْبِقَهُ بِهَا، كَذَا اسْتَنْبَطَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَلِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا إِذَا سَمِعْنَا الْإِقَامَةَ تَوَضَّأْنَا، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلَاةِ، وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ كَالْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ (إِلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ) مِثْلَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي مَنَارَةٍ، أَوْ مَكَانٍ بَعِيدٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ يُقِيمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ أَذَانِهِ، لِئَلَّا تَفُوتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ، لِإِمْكَانِ صَلَاتِهِ لَكِنْ لَا يُقِيمُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ، لِفِعْلِ بِلَالٍ.

[لَا يَصِحُّ الْأَذَانُ إِلَّا مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا]

(وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ إِلَّا مُرَتَّبًا) لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مُتَعَبَّدٌ بِهِ فَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِنَظْمِهِ، كَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ (مُتَوَالِيًا) عُرْفًا، لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ بِغَيْرِ مُوَالَاةٍ، وَشُرِعَ فِي الْأَصْلِ كَذَلِكَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَّمَهُ أَبَا مَحْذُورَةَ مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا (فَإِنْ نَكَّسَهُ) لَمْ يَصِحَّ لِمَا ذَكَرْنَا (أَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ أَوْ كَلَامٍ كَثِيرٍ أَوْ مُحَرَّمٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) إِذَا طَالَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ جُمَلِهِ، إِمَّا بِالسُّكُوتِ الطَّوِيلِ أَوِ الْكَلَامِ الْمُبَاحِ الْكَثِيرِ، بَطَلَ، لِإِخْلَالِهِ بِالْمُوَالَاةِ الْمُشْتَرَطَةِ، وَمِثْلُهُ نَوْمٌ كَثِيرٌ أَوْ إِغْمَاءٌ أَوْ جُنُونٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ السُّكُوتَ والكلام الْمُبَاحَ الْيَسِيرَ لَا يُبْطِلَانِهِ، بَلْ هُوَ جَائِزٌ، لِأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ - وَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>