بَابُ الْقَسَامَةِ وَهِيَ الْأَيْمَانُ الْمُكَرَّرَةُ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ.
وَلَا تَثْبُتُ إِلَّا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ، أَحَدُهَا:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْخَطَأِ فِي نَفْسِ الْقِصَاصِ، وَحَمْلِ الْعَاقِلَةِ دِيَتَهُ وَتَأْجِيلِهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فَجَرَى مَجْرَاهُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا تَجِبُ، وَبَعَّدَهَا ابْنُ الْمُنَجَّا، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ لِأَنَّ دِيَتَهُ مُغَلَّظَةٌ.
تَذْنِيبٌ:
مَنْ لَزِمَتْهُ فَفِي مَالِهِ، وَقِيلَ: مَا حَمَلَهُ بَيْتُ الْمَالِ مِنْ خَطَأِ إِمَامٍ وَحَاكِمٍ فَفِيهِ، وَيُكَفِّرُ عَنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلِيُّهُ، نَقَلَ مُهَنَّا: الْقَتْلُ لَهُ كَفَّارَةٌ وَكَذَا الزِّنَا، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: لَيْسَ بَعْدَ الْقَتْلِ شَيْءٌ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا.
[بَابُ الْقَسَامَةِ]
[تَعْرِيفُ القسامة وَدَلِيلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا]
بَابُ الْقَسَامَةِ الْقَسَامَةُ اسْمٌ لِلْقَسَمِ، أُقِيمَ مَقَامَ الْمَصْدَرِ مِنْ: أَقْسَمَ إِقْسَامًا وَقَسَامَةً، هِيَ الْحَلِفُ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ يُقْسِمُونَ فِي دَعْوَاهُمْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ صَاحِبَهُمْ، سُمُّوا قَسَامَةً بِاسْمِ الْمَصْدَرِ كَعَدْلٍ وَرِضًا، وَإِنَّمَا هِيَ الْأَيْمَانُ إِذَا كَثُرَتْ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالِغَةِ (وَهِيَ الْأَيْمَانُ الْمُكَرَّرَةُ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ) أَيْ: فِي دَعْوَى قَتْلِ مَعْصُومٍ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ مُوجِبٌ لِلْقَوَدِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا رُوِيَ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: «أَنَّ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ انْطَلَقَا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْلِ فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فَاتَّهَمُوا الْيَهُودَ بِهِ، فَجَاءَهُ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنَا عَمِّهِ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَتَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي أَمْرِ أَخِيهِ، وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ، فَقَالَ: كَبِّرْ كَبِّرْ، فَتَكَلَّمَا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمَا، فَقَالَ: أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ قَاتِلِكُمْ، قَالُوا: كَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ؟ قَالَ: فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا، قَالُوا كَيْفَ نَأْخُذُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ، قَالَ: فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِهِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ. وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْأَنْصَارِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّ الْقَسَامَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: فِي الْمَعَارِفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute