للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْكَفَّارَةُ) أَمَّا الْعَمْدُ فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: ٩٢] وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: ٩٣] فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسْقُطُ بِالتَّكْفِيرِ احْتَاجَ دَلِيلًا يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ نَسْخُ الْقُرْآنِ، زَادَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَأَيْنَ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَابَ أَوْ كَفَّرَ قَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ وَغَيْرِهِ. وَالثَّانِيَةُ: تَجِبُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، لِمَا رَوَى وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ، قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَاحِبٍ لَنَا قَدْ أَوْجَبَ الْقَتْلَ، فَقَالَ: أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً، يُعْتِقُ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. وَلِأَنَّهَا إِذَا وَجَبَتْ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ فَلَأَنْ تَجِبَ فِي الْعَمْدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَالْأُولَى أَصَحُّ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: ذَكَرَ قَتْلَ الْخَطَأِ وَأَوْجَبَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ قَتْلَ الْعَمْدِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ كَفَّارَةٍ فِيهِ، مَعَ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ الصَّامِتِ قَتَلَ رَجُلًا فَأَوْجَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَوَدَ وَلَمْ يُوجِبْ كَفَّارَةً، وَحَدِيثُ وَاثِلَةَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ خَطَأً، وَسَمَّاهُ مُوجِبًا لِأَنَّهُ فَوَّتَ النَّفْسَ بِالْقَتْلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ تَبَرُّعًا، وَأَمَّا شِبْهُ الْعَمْدِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَجِبُ بِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي الْمُغْنِي: تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَا أَعْلَمُ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ قَوْلًا، لِأَنَّهُ أُجْرِيَ مُجْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>