ثِيَابِ الْحَرِيرِ وَلَا مَا غَالِبُهُ الْحَرِيرُ، وَلَا افْتِرَاشُهُ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، فَإِنِ اسْتَوَى هُوَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ابْنُ تَمِيمٍ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي آخِرِ الْخَبَرِ: «إِلَّا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ» وَكَافْتِرَاشِهِ، وَجَعْلِهِ مِخَدًّا «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اتَّكَأَ عَلَى مِخَدَّةٍ فِيهَا صُورَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَعُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَصْوِيرُ الْحَيَوَانِ، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ وِفَاقًا، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَلَوْ أُزِيلَ مِنْهَا مَا لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ لَمْ يُكْرَهْ فِي الْمَنْصُوصِ، وَمِثْلُهُ شَجَرٌ، وَنَحْوُهُ، وَكَرِهَ الْآجُرِّيُّ الصَّلَاةَ عَلَى مَا فِيهِ صُورَةٌ، وَكَذَا فِي " الْفُصُولِ "، وَلَوْ عَلَى مَا يُدَاسُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، وَلَا كَلْبٌ، وَلَا جُنُبٌ» إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
[لُبْسُ ثِيَابِ الْحَرِيرِ وَافْتِرَاشُهُ لِلرِّجَالِ]
(وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ) وَلَا الْخُنْثَى وَلَوْ كَافِرًا (لُبْسُ ثِيَابِ الْحَرِيرِ) فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا فِي غَيْرِ حَالِ الْعُذْرِ. حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَلْبِسُوا الْحَرِيرَ، فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَتَّى تِكَّةٍ، وَشَرَابَةٍ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ شَرَابَةٌ مُفْرَدَةٌ كَشَرَابَةِ الْبَرِيدِ لَا تَبَعًا فَإِنَّهَا كَزِرِّ، وَعَلَّلَ الْقَاضِي وَالْآمِدِيُّ إِبَاحَةَ كِيسِ الْمُصْحَفِ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، فَعَلَى هَذَا يُسْتَثْنَى (وَلَا مَا غَالِبُهُ الْحَرِيرُ) لِأَنَّ الْغَالِبَ لَهُ حُكْمُ الْكُلِّ، فَحُرِّمَ لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَالْقَلِيلُ مُسْتَهْلَكٌ فِيهِ، أَشْبَهَ الضَّبَّةَ مِنَ الْفِضَّةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمْعٍ أَنَّ الْمُحَرَّمَ الْحَرِيرُ الصَّافِي الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ غَيْرُهُ، وَسَيَأْتِي، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالظُّهُورِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَقِيلَ: بِالْوَزْنِ قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " (وَلَا افْتِرَاشُهُ) لِمَا رَوَى حُذَيْفَةُ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُلْبَسَ الْحَرِيرُ وَالدِّيبَاجُ، وَأَنْ يُجْلَسَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute