للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا نُسِجَ مَعَهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَيَحْرُمُ لُبْسُ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ وَالْمُمَوَّهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

رِوَايَةِ صَالِحٍ وَجَعْفَرٍ: افْتِرَاشُ الْحَرِيرِ كَلُبْسِهِ، وَكَذَا الِاسْتِنَادُ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ) لِأَنَّهَا تُبِيحُ الْمُحَرَّمَ بِدَلِيلِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَظَاهِرُهُ إِبَاحَتُهُ لِلنِّسَاءِ مُطْلَقًا، لِمَا رَوَى أَبُو مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِلْإِنَاثِ مِنْ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَأَغْرَبَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي " فُنُونِهِ " فَجَوَّزَ لَهُنَّ لُبْسَهُ دُونَ الِاسْتِنَادِ وَالِافْتِرَاشِ.

١ -

فَرْعٌ: يَحْرُمُ تَعْلِيقُهُ، وَسَتْرُ الْجُدُرِ بِهِ غَيْرَ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ وِفَاقًا، وَحَرَّمَ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالَهُ مُطْلَقًا فَدَلَّ أَنَّ فِي شُخَانَةٍ، وَخَيْمَةٍ، وَبُقْجَةٍ، وَكَمِرَانٍ، وَنَحْوِهِ الْخِلَافُ (فَإِنِ اسْتَوَى هُوَ، وَمَا نُسِجَ مَعَهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِ، أَحَدُهُمَا: يُبَاحُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ قَزٍّ، أَمَّا السَّدي أَوِ الْعَلَمُ فَلَا يَرَى بِهِ بَأْسًا» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَلِأَنَّ الْحَرِيرَ لَيْسَ أَغْلَبَ، أَشْبَهَ الْأَقَلَّ، وَالثَّانِي: يَحْرُمُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ الْأَشْبَهُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ النِّصْفَ كَثِيرٌ، لِأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى مَا نُسِجَ مَعَهُ مِنَ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ، كَتَّانٌ وَلَا قُطْنٌ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْحَرِيرِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ غَيْرَهُ مَعَ إِبَاحَةِ النِّصْفِ.

١ -

تَنْبِيهٌ: أَبَاحَ أَحْمَدُ لُبْسَ الْخَزِّ، وَهُوَ مَا سُدِّيَ بِإِبْرَيْسِمَ، وَأُلْحِمَ بِوَبَرٍ أَوْ صُوفٍ لِلْخَبَرِ، وَلِفِعْلِ الصَّحَابَةِ، وَجَعَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ كَغَيْرِهِ فِي الثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ مِنَ الْحَرِيرِ، وَغَيْرِهِ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَحْمَدُ بِأَنَّ هَذَا لَبِسَهُ الصَّحَابَةُ، وَبِأَنَّهُ لَا سَرَفَ وَلَا خُيَلَاءَ، وَعُلِمَ مِنْهُ إِبَاحَةُ الصَّرْفِ، وَكَذَا الْكَتَّانُ إِجْمَاعًا، وَالنَّهْيُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ لَا أَصْلَ لَهُ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ يُكْرَهُ لِلرِّجَالِ، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةٍ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ مَعَ أَنَّهُ لَبِسَهُ الصَّحَابَةُ وَغَيْرُهُمْ، وَكَالْقُطْنِ.

(وَيَحْرُمُ) عَلَى ذَكَرٍ بِلَا حَاجَةٍ (لُبْسُ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ، وَالْمُمَوَّهِ بِهِ) أَيِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>