للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغُرِّبَ عَامًا إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَعَنْهُ: أَنَّ الْمَرْأَةَ تُنْفَى إِلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَيَخْرُجُ مَعَهَا مَحْرَمُهَا، فَإِنْ أَرَادَ أُجْرَةً بُذِلَتْ مِنْ مَالِهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ أَبَى الْخُرُوجَ مَعَهَا اسْتُؤْجِرَتِ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ، فَإِنْ تَعَذَّرَ نُفِيَتْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[حَدُّ الْحُرِّ غَيْرُ الْمُحْصَنِ]

(وَإِنْ زَنَى الْحُرُّ غَيْرُ الْمُحْصَنِ جُلِدَ مِائَةَ جَلْدَةٍ) وَلَا يَجِبُ غَيْرُهُ، نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ وَالْمَيْمُونِيُّ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: ٢] الْآيَةَ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فَيَخْرُجُ مِنْهُ الرَّقِيقُ كَمَا يَأْتِي، وَالْمُحْصَنُ لِمَا سَبَقَ، فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَاهُ، وَلِأَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ فَعَلُوا ذَلِكَ بِالْحُرِّ غَيْرِ الْمُحْصَنِ، وَانْتَشَرَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ (وَغُرِّبَ عَامًا) فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ (إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) لِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْحَضَرِ، فَإِنْ عَادَ قَبْلَ الْحَوْلِ، أُعِيدَ تَغْرِيبُهُ، وَيُبْنَى عَلَى مَا مَضَى، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ، بَلْ يُنْفَى مِنْ عَمَلِهِ إِلَى عَمَلِ غَيْرِهِ، وَإِنْ زَنَى فِي الْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ إِلَيْهِ غُرِّبَ مِنْهُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْمَرْأَةَ تُغَرَّبُ إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، لِوُجُوبِهِ كَالدَّعْوَى (وَعَنْهُ: أَنَّ الْمَرْأَةَ تُنْفَى إِلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِتَقْرُبَ مِنْ أَهْلِهَا فَيَحْفَظُوهَا، وَعَنْهُ: تُغَرَّبُ إِلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ مَعَ مَحْرَمِهَا، وَمَعَ تَعَذُّرِهِ إِلَى دُونِهَا (وَيَخْرُجُ مَعَهَا مَحْرَمُهَا) وُجُوبًا إِنْ تَيَسَّرَ، لِأَنَّهُ سَفَرٌ وَاجِبٌ، أَشْبَهَ سَفَرَ الْحَجِّ، وَالْمُرَادُ إِذَا كَانَ بَاذِلًا (فَإِنْ أَرَادَ أُجْرَةً بُذِلَتْ مِنْ مَالِهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَئُونَةِ سِفْرِهَا، أَشْبَهَ الْمَرْكُوبَ وَالنَّفَقَةَ (فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمِنْ بَيْتِ الْمالِ) لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً، أَشْبَهَ نَفَقَةَ نَفْسِهَا، وَهَذَا قَوْلٌ، وَيُقَيَّدُ بِمَا إِذَا أَمْكَنَ (فَإِنْ أَبَى الْخُرُوجَ مَعَهَا اسْتُؤْجِرَتِ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ) اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَخْصٍ يَكُونُ مَعَهَا لِأَجْلِ حِفْظِهَا، وَحِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْحِفْظِ، وَأُجْرَتُهَا عَلَى الْخِلَافِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ نُفِيَتْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ) قَالَهُ إِمَامُنَا وَالشَّافِعِيُّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>