عَاقِلَانِ حُرَّانِ، فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فِي أَحَدِهِمَا، فَلَا إِحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا يَثْبُتُ الْإِحْصَانُ بِالْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَيَثْبُتُ الْإِحْصَانُ لِلذِّمِّيِّينَ، وَهَلْ تُحْصِنُ الذِّمِّيَّةُ مُسْلِمًا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَلَوْ كَانَ لِرِجْلٍ وَلَدٌ مِنِ امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: مَا وَطِئْتُهَا، لَمْ يَثْبُتْ إِحْصَانُهُ.
وَإِنْ زَنَى الْحُرُّ غَيْرُ الْمُحْصَنِ، جُلِدَ مِائَةَ جَلْدَةٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَلَا إِحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ وَطْءٌ لَمْ يُحَصِّنْ أَحَدَ الْمُتَوَاطِئَيْنِ فَلَمْ يُحَصِّنِ الْآخَرَ، كَالتَّسَرِّي (فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فِي أَحَدِهِمَا فَلَا إِحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِأَنَّ مَا كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى شُرُوطٍ لَا يُوجَدُ بِدُونِهَا (وَلَا يَثْبُتُ الْإِحْصَانُ بِالْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ) وَهُوَ التَّسَرِّي (وَلَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ) خِلَافًا لِأَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ اللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ وَطْءٌ فِي غَيْرِ مِلْكٍ، أَشْبَهَ وَطْءَ الشُّبْهَةِ (وَيَثْبُتُ الْإِحْصَانُ لِلذِّمِّيِّينَ) «لِأَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِامْرَأَةٍ وَرَجُلٍ مِنْهُمْ قَدْ زَنَيَا، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُجِمَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ الْجِنَايَةَ بِالزِّنَا اسْتَوَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْحَدِّ، وَكَذَا يَثْبُتُ لِمُسْتَأْمَنَيْنِ (وَهَلْ تُحْصِنُ الذِّمِّيَّةُ مُسْلِمًا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .
إِحْدَاهُمَا: تُحْصِنُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْكَافِي.
وَالثَّانِيَةُ: لَا تُحْصِنُهُ، لِأَنَّ الْإِحْصَانَ مِنْ شَرْطِهِ الْحُرِّيَّةُ، فَكَانَ مِنْ شَرْطِهِ الْإِسْلَامُ كَإِحْصَانِ الْقَذْفِ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ بِإِحْصَانِ الْقَذْفِ، لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ الْعِفَّةَ وَلَيْسَتْ شَرْطًا هُنَا (وَلَوْ كَانَ لِرِجْلٍ وَلَدٌ مِنِ امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: مَا وَطِئْتُهَا، لَمْ يَثْبُتْ إِحْصَانُهُ) وَلَا يُرْجَمُ إِذَا زَنَى، لِأَنَّ الْوَلَدَ يُلْحَقُ بِإِمْكَانِ الْوَطْءِ وَاحْتِمَالِهِ، وَالْإِحْصَانُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِحَقِيقَةِ الْوَطْءِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ مَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالْإِمْكَانِ وُجُودُ مَا فِيهِ الْحَقِيقَةُ، وَيَثْبُتُ بِقَوْلِهِ: وَطِئْتُهَا أَوْ جَامَعْتُهَا، وَالْأَشْهَرُ: أَوْ دَخَلْتُ بِهَا.
فَرْعٌ: إِذَا زَنَى مُحْصَنٌ بِبِكْرٍ فَلِكُلٍّ حَدُّهُ، نَصَّ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute