للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِوَايَتَيْنِ. وَالْمُحْصَنُ مَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُمَا بَالِغَانِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقَالَ: «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِجَلْدِهَا، وَكَانَ هَذَا آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ الْأَثْرَمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ: إِنَّهُ أَوَّلُ حَدٍّ نَزَلَ، وَإِنَّ حَدِيثَ مَاعِزٍ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ فِيهِ الْجَلْدُ، وَلِأَنَّهُ حَدٌّ فِيهِ قَتْلٌ فَلَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهُ كَالرِّدَّةِ (وَالْمُحْصَنُ مَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَهُمَا بَالِغَانِ عَاقِلَانِ حُرَّانِ) أَقُولُ: يُشْتَرَطُ لِلْإِحْصَانِ شُرُوطٌ.

أَحَدُهَا: الْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ، فَلَوْ وُجِدَ النِّكَاحُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ، أَوْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ فِي الدُّبُرِ، لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ، لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ ثَيِّبًا، وَلَا تَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الْأَبْكَارِ.

الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ فِي نِكَاحٍ، لِأَنَّ النِّكَاحَ يُسَمَّى إِحْصَانًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٤] يَعْنِي الْمُزَوَّجَاتِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ وَطْءَ الزِّنَا وَالشُّبْهَةِ لَا يَصِيرُ بِهِ الْوَاطِئُ مُحْصَنًا، وَأَنَّ التَّسَرِّيَ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْصَانُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنِكَاحٍ، وَلَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُهُ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ.

الرَّابِعُ: الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ فِي قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ، فَلَوْ وَطِئَ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ عَقَلَ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الثَّيِّبِ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ» فَاعْتَبَرَ الثُّيُوبَةَ خَاصَّةً، وَلَوْ كَانَتْ تَحْصُلُ قَبْلَهُ لَكَانَ عَلَيْهِ الرَّجْمُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.

الْخَامِسُ: الْحُرِّيَّةُ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] وَالرَّجْمُ لَا يَتَنَصَّفُ، وَإِيجَابُهُ كُلُّهُ يُخَالِفُ النَّصَّ مَعَ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يُوجَدَ الْكَمَالُ فِيهِمَا جَمِيعًا حَالَ الْوَطْءِ، فَيَطَأُ الرَّجُلُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْحُرُّ امْرَأَةً عَاقِلَةً حُرَّةً، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إِحْصَانٌ بِوَطْئِهِ فِي حَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ وَنَحْوِهِ، وَفِي الْإِرْشَادِ: وَهُوَ وَجْهٌ، وَفِي الْمُحَرَّرِ: يُحْصِنُ مُرَاهِقٌ بَالِغَةً وَمُرَاهِقَةٌ بَالِغًا، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوَايَةً، وَفِي التَّرْغِيبِ: إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ رَقِيقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>