. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
جَائِزٌ، وَمَنْ مَنَعَ قَالَ: لَيْسَ هَذَا نَسْخًا، إِنَّمَا هُوَ تَفْسِيرٌ وَتَبْيِينٌ لَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: نَسْخُهُ حَصَلَ بِالْقُرْآنِ، فَإِنَّ الْجَلْدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَالرَّجْمَ كَانَ فِيهِ، فَنُسِخَ رَسْمُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ (إِذَا زَنَى الْحُرُّ الْمُحْصَنُ) وَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّجْمُ إِلَّا عَلَيْهِ بِاتِّفَاقٍ (فَحَدُّهُ الرَّجْمُ حَتَّى يَمُوتَ) وَهُوَ قَوْلُ عَامَّتِهِمْ، وَحَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ إِجْمَاعًا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَجَمَ بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ فِي أَخْبَارٍ تُشْبِهُ التَّوَاتُرَ، وَقَدْ أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ثُمَّ نُسِخَ رَسْمُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ، لِقَوْلِ عُمَرَ: كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ. الْخَبَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتْ فِي الْمُصْحَفِ لَاجْتَمَعَ الْعَمَلُ بِحُكْمِهَا وَثَوَابِ تِلَاوَتِهَا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَجَابَ ابْنُ عَقِيلٍ، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِيَظْهَرَ بِهِ مِقْدَارُ طَاعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي الْمُسَارَعَةِ إِلَى بَذْلِ النُّفُوسِ بِطَرِيقِ الظَّنِّ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْصَاءٍ لِطَلَبِ طَرِيقٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، كَمَا سَارَعَ الْخَلِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِلَى ذَبْحِ وَلَدِهِ بِمَنَامٍ، وَهُوَ أَدْنَى طُرُقِ الْوَحْيِ وَأَقَلُّهَا. قَوْلُهُ: " فَحَدُّهُ الرَّجْمُ حَتَّى يَمُوتَ " أَيْ: يُرْجَمُ بِالْحِجَارَةِ وَغَيْرِهَا، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَلْتَكُنِ الْحِجَارَةُ مُتَوَسِّطَةً، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَرْجُومَ يُدَامُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ حَتَّى يَمُوتَ (وَهَلْ يُجْلَدُ قَبْلَ الرَّجْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .
إِحْدَاهُمَا: يُجْلَدُ ثُمَّ يُرْجَمُ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هِيَ أَظْهَرُ وَأَثْبَتُ، اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: اخْتَارَهَا شُيُوخُ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ، وَهِيَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: ٢] وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ: جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَلِحَدِيثِ عُبَادَةَ، وَهَذَا صَرِيحٌ، فَلَا يُتْرَكُ إِلَّا بِمِثْلِهِ، وَلَهُ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ.
وَالثَّانِيَةُ: تُرْجَمُ فَقَطْ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَنَقَلَهُ الْأَكْثَرُ، وَاخْتَارَهُ الْأَثْرَمُ وَالْجَوْزَجَانِيُّ وَابْنُ حَامِدٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَهُوَ وِفَاقٌ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ وَلَمْ يَجْلِدْهُمَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute