صَحَّتِ الشَّهَادَةُ، فَإِنْ رُجِمَ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنِ الشَّهَادَةِ، فَعَلَى مَنْ شَهِدَ بِالْإِحْصَانِ ثُلْثَا الدِّيَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُهُمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا
وَإِنْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فَرَجَعَ الشَّاهِدُ غَرِمَ الْمَالَ كُلَّهُ، وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَغْرَمَ النِّصْفَ.
إذا بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْجَمَاعَةُ. فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ فِي الْقَتْلِ فَالثُّلُثُ، وَفِي الزِّنَى الْخُمُسُ. وَقِيلَ: لَا يَغْرَمُ شَيْئًا. وَهُوَ أَقْيَسُ.
فَلَوْ رَجَعَ مِنْ خَمْسَةِ زِنًى اثْنَانِ، فَهَلْ عَلَيْهِمَا خُمُسَانِ أَوْ رُبُعٌ؛ أَوِ اثْنَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ قَتْلٍ، فَالثُّلُثَانِ أَوِ النِّصْفُ؛ فِيهِ الْخِلَافُ. (وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى، وَاثْنَانِ مِنْهُمْ بِالْإِحْصَانِ صَحَّتِ الشَّهَادَةُ) لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ صِحَّتِهَا. (فَإِنْ رُجِمَ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنِ الشَّهَادَةِ، فَعَلَى مَنْ شَهِدَ بِالْإِحْصَانِ ثُلُثَا الدِّيَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْأَشْهَرُ الثُّلْثُ لِشَهَادَتِهِمَا بِالْإِحْصَانِ. والثلث لشهادتهما بالزنى (وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُهُمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا) النِّصْفُ لِشَهَادَتِهِمَا بِالْإِحْصَانِ، وَالرُّبُعُ لِشَهَادَتِهِمَا بِالزِّنَى. وَالْبَاقِي عَلَى الْآخَرِينَ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ عَلَى شَاهِدَيِ الْإِحْصَانِ إِلَّا النِّصْفُ ; لِأَنَّهُمَا كَأَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ، جَنَى اثْنَانِ جِنَايَتَيْنِ وَجَنَى الْآخَرَانِ أَرْبَعَ جِنَايَاتٍ.
فَرْعٌ: لَا ضَمَانَ بِرُجُوعٍ عَنْ كَفَالَةٍ بِنَفْسٍ أَوْ بَرَاءَةٍ مِنْهَا، أَوْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، أَوْ أَنَّهُ عَفَا عَنْ دَمٍ عَمْدٍ؛ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ مَالًا.
وَفِي الْمُبْهِجِ: قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ الْكَفَالَةَ مُتَضَمَّنَةٌ بِهَرَبِ الْمَكْفُولِ، وَالْقَوَدُ قَدْ يَجِبُ مَالًا.
فَرْعٌ: إِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى آخَرَ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ بِصَدَاقٍ ذَكَرَاهُ، وَشَهِدَ آخَرَانِ بِدُخُولِهِ بِهَا، ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ، لَزِمَ شُهُودَ النِّكَاحِ الضَّمَانُ ; لِأَنَّهُمْ أَلْزَمُوهُ الْمُسَمَّى. وَقِيلَ: عَلَيْهِمُ النِّصْفُ. وَعَلَى الْآخَرِينَ النِّصْفُ. وَإِنْ شَهِدَ مَعَ هَذَا شَاهِدَانِ بِالطَّلَاقِ لَمْ يَلْزَمْهُمَا شَيْءٌ ; لِأَنَّهُمَا لَمْ يُوجِبَا عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ. ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ
[رُجُوعُ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ]
(وَإِنْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فَرَجَعَ الشَّاهِدُ غَرِمَ الْمَالَ كُلَّهُ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حُجَّةُ الدَّعْوَى فَاخْتَصَّ الضَّمَانُ بِهِ، كَالشَّاهِدَيْنِ يُحَقِّقُهُ أَنَّ الْيَمِينَ قَوْلُ الْخَصْمِ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى خَصْمِهِ. وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطُ الْحُكْمِ، فَجَرَى مَجْرَى مُطَالَبَتِهِ لِلْحَاكِمِ بِالْحُكْمِ. وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهَا حُجَّةٌ لَكِنْ إِنَّمَا جَعَلْنَاهَا حُجَّةَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ. وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا عَلَى شَهَادَتِهِ، وَكَيَمِينِهِ عَلَى بَيِّنَةِ غَائِبٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute