فَصْلٌ الثَّالِثُ: إِرْسَالُ الْآلَةِ قَاصِدًا لِلصَّيْدِ، فَإِنِ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ، أَوْ غَيْرُهُ بِنَفْسِهِ، لَمْ يُبَحْ صَيْدُهُ وَإِنْ زَجَرَهُ، إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَدْوُهُ بِزَجْرِهِ، فَيَحِلَّ. وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ سَهْمَهُ إِلَى هَدَفٍ فَقَتَلَ صَيْدًا، أَوْ أَرْسَلَهُ يُرِيدُ الصَّيْدَ، وَلَا يَرَى صَيْدًا، لَمْ يَحِلَّ صَيْدُهُ إِذَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[فَصْلٌ الشَّرْطُ الثَّالِثُ: إِرْسَالُ الْآلَةِ قَاصِدًا لِلصَّيْدِ]
فصل
(الثَّالِثُ: إِرْسَالُ الْآلَةِ قَاصِدًا لِلصَّيْدِ) فَعَلَى هَذَا لَوْ سَقَطَ سَيْفٌ مِنْ يَدِهِ عَلَيْهِ، فَعَقَرَهُ، أَوِ احْتَكَّتْ شَاةٌ بِشَفْرَةٍ فِي يَدِهِ، لَمْ تَحِلَّ (فَإِنِ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ، أَوْ غَيْرُهُ بِنَفْسِهِ، لَمْ يُبَحْ صَيْدُهُ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، وَقَالَ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: يُؤْكَلُ إِذَا جَرَحَهُ الصَّائِدُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِذَا سَمَّى عِنْدَ انْفِلَاتِهِ أُبِيحَ، وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْكِلَابِ تَنْفَلِتُ مِنْ مَرَابِطِهَا، فَتَصِيدُ الصَّيْدَ، قَالَ: إِذَا سَمَّى فَكُلْ، قَالَ الْخَلَّالُ: هَذَا عَلَى مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَجَوَابُهُ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ إِرْسَالَ الْجَارِحَةِ جُعِلَ بِمَنْزِلَةِ الذَّبْحِ، وَلِهَذَا اعْتُبِرَتِ التَّسْمِيَةُ مَعَهُ، (وَإِنْ زَجَرَهُ) أَيْ: لَمْ يَحِلَّ، لِأَنَّ الزَّجْرَ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا عَنِ اسْتِرْسَالِ الصَّائِدِ بِنَفْسِهِ، (إِلَّا أَنْ يَزِيدَ عَدْوُهُ بِزَجْرِهِ فَيَحِلَّ) لِأَنَّ زَجْرَهُ لَهُ أَثَّرَ فِي عَدْوِهِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ أَرْسَلَهُ، لِأَنَّ فِعْلَ الْآدَمِيِّ إِذَا انْضَافَ إِلَى فِعْلِ الْبَهِيمَةِ، كَانَ الِاعْتِبَارُ بِفِعْلِ الْآدَمِيِّ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ عَدَا عَلَى إِنْسَانٍ، فَأَغْرَاهُ آدَمِيٌّ فَأَصَابَهُ، ضَمِنَ، فَلَوْ أَرْسَلَهُ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ، ثُمَّ سَمَّى وَزَجَرَهُ، فَزَادَ عَدْوُهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: إِبَاحَتُهُ، لِأَنَّهُ انْزَجَرَ بِتَسْمِيَتِهِ وَزَجْرِهِ، أَشْبَهَ الَّتِي قَبْلَهَا، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا، لِأَنَّ الْحُكْمَ تَعَلَّقَ بِالْإِرْسَالِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: إِنْ صَادَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسِلَهُ لَا يُعْجِبُنِي، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ: إِنِ اسْتَرْسَلَ الطَّائِرُ بِنَفْسِهِ فَصَادَ وَقَتَلَ، حَلَّ وَأَكَلَ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْكَلْبِ، (وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ، أَوْ سَهْمَهُ إِلَى هَدَفٍ) وَهُوَ كُلُّ مُرْتَفَعٍ مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ كَثِيبِ رَمْلٍ، أَوْ جَبَلٍ، (فَقَتَلَ صَيْدًا، أَوْ أَرْسَلَهُ يُرِيدُ الصَّيْدَ، وَلَا يَرَى صَيْدًا، لَمْ يَحِلَّ صَيْدُهُ إِذَا قَتَلَهُ) لِأَنَّ قَصْدَ الصَّيْدِ شَرْطٌ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ فِي السَّهْمِ (وَإِنْ رَمَى حَجَرًا يَظُنُّهُ صَيْدًا، فَأَصَابَ صَيْدًا، لَمْ يَحِلَّ) قَدَّمَهُ السَّامِرِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ صَيْدًا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute