وَالْعُقَابِ وَالشَّاهِينِ، فَتَعْلِيمُهُ بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إِذَا أُرْسِلَ، وَيُجِيبَ إِذَا دُعِيَ، وَلَا يُعْتَبَرَ تَرْكُ الْأَكْلِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْرَحَ الصَّيْدَ، فَإِنْ قَتَلَهُ بِصَدْمَتِهِ أَوْ خَنَقَهُ لَمْ يُبَحْ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُبَاحُ. وَمَا أَصَابَهُ فَمُ الْكَلْبِ هَلْ يَجِبُ غَسْلُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الصَّحِيحَةُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ» . وَرَوَاهُ سَعِيدٌ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقِيلَ: حِينَ الصَّيْدِ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقِيلَ: قَبْلَ مُضِيِّهِ، وَلَا يَخْرُجُ بِأَكْلِهِ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا، فَيُبَاحُ صَيْدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، (وَالْأُخْرَى: يَحِلُّ) رُوِيَ عَنْ سَعْدٍ، وَسَلْمَانَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، حَكَاهُ عَنْهُمْ أَحْمَدُ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤] وَلَا حُجَّةَ فِيهَا، مَعَ أَنَّ حَدِيثَنَا هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ وَأَصَحُّ، فَلَوْ شَرِبَ مِنْ دَمِهِ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، لَمْ يَحْرُمْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي الِانْتِصَارِ: مِنْ دَمِهِ الَّذِي جَرَى، وَكَرِهَهُ الشَّعْبِيُّ وَالثَّوْرِيُّ.
١ -
(وَالثَّانِي: ذُو الْمِخْلَبِ كَالْبَازِيِّ، وَالصَّقْرِ، وَالْعُقَابِ، وَالشَّاهِينِ، فَتَعْلِيمُهُ بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إِذَا أُرْسِلَ، وَيُجِيبَ إِذَا دُعِيَ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَرْكُ الْأَكْلِ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ فَلَا تَأْكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ الصَّقْرُ فَكُلْ. رَوَاهُ الْخَلَّالُ. وَلِأَنَّ تَعْلِيمَهُ بِالْأَكْلِ، وَيَتَعَذَّرُ تَعْلِيمُهُ بِدُونِهِ، فَلَمْ يَقْدَحْ فِي تَعْلِيمِهِ، بِخِلَافِ الْكَلْبِ، (وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْرَحَ الصَّيْدَ، فَإِنْ قَتَلَهُ بِصَدْمَتِهِ، أَوْ خَنَقَهُ، لَمْ يُبَحْ) قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ، لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِغَيْرِ جَرْحٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهُ بِالْحَجَرِ وَالْبُنْدُقِ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُبَاحُ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ الْعُمُومَ فِيهِمَا مَخْصُوصٌ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى عَدَمِ إِبَاحَتِهِ.
(وَمَا أَصَابَهُ فَمُ الْكَلْبِ هَلْ يَجِبُ غَسْلُهُ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ فِي الْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمَحَالِّ.
وَالثَّانِي: لَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ أَمَرَا بِأَكْلِهِ، وَلَمْ يَأْمُرَا بِغَسْلِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute