للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يَحِلَّ، وَإِنْ مَاتَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ، أَوِ الضَّامِنُ فَهَلْ يَحِلُّ الدَّيْنُ عَلَيْهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَأَيُّهُمَا حَلَّ عَلَيْهِ لَمْ يَحِلَّ عَلَى الْآخَرِ.

وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ حَالًّا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْلَ أَجَلِهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَجِبُ لَهُ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ لِلْغَرِيمِ، وَلِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالتَّعْجِيلِ، فَلَمْ يَرْجِعْ قَبْلَ الْأَجَلِ، كَمَا لَوْ قَضَاهُ أَكْثَرَ مِنَ الدَّيْنِ، وَالْحَوَالَةِ بِهِ لِيَقْبِضَهُ، سَوَاءٌ قَبَضَ الْغَرِيمُ مِنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الِاسْتِيفَاءُ (وَإِنْ مَاتَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ، أَوِ الضَّامِنُ فَهَلْ يَحِلُّ الدَّيْنُ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَشْهُرُهُمَا لَا يَحِلُّ، لِأَنَّ التَّأْجِيلَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْمَيِّتِ، فَلَمْ يَبْطُلْ بِمَوْتِهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ بِشَرْطِهِ. قَالَهُ فِي " الْوَجِيزِ "، وَالثَّانِيَةُ: يَحِلُّ، لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ خَرِبَتْ بِهِ، فَلَوْ لَمْ يَحِلَّ لَأَدَّى إِلَى ضَيَاعِ حَقِّهِ (وَأَيُّهُمَا حَلَّ عَلَيْهِ لَمْ يَحِلَّ عَلَى الْآخَرِ) أَيْ: إِذَا مَاتَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ وَقُلْنَا: يَحِلُّ بِمَوْتِهِ لَمْ يَحِلَّ عَلَى الضَّامِنِ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَحِلُّ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِمَوْتِ غَيْرِهِ بَلْ يَبْقَى حَالًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَصْلِ مُؤَجَّلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَرْعِ، وَكَذَا إِذَا مَاتَ الضَّامِنُ، لَكِنْ إِذَا اسْتَوْفَى الْغَرِيمُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ مُطَالَبَةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ حَتَّى يَحِلَّ الْحَقُّ، لِأَنَّهُ مُؤَجَّلٌ عَلَيْهِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ مُطَالَبَتَهُ قَبْلَ أَجْلِهِ.

[صِحَّةُ ضَمَانِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا]

(وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا) ، نَصَّ عَلَيْهِ لِحَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، وَلِأَنَّهُ ضَمِنَ مَالًا بِعَقْدٍ مُؤَجَّلٍ فَكَانَ مُؤَجَّلًا كَالْبَيْعِ، وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ حَالًّا عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ لَهُ مُطَالَبَتُهُ مَتَى شَاءَ مُؤَجَّلًا عَلَى الضَّامِنِ لَا يُقَالُ: الْحَالُّ لَا يَتَأَجَّلُ وَكَيْفَ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتَيْهِمَا مُخْتَلِفًا، لِأَنَّ الْحَقَّ يَتَأَجَّلُ فِي ابْتِدَاءِ ثُبُوتِهِ بِعَقْدٍ، وهنا كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثابتا عَلَيْهِ حَالًّا وَيَجُوزُ تَخَالُفُ مَا فِي الذِّمَّتَيْنِ بِدَلِيلِ لَوْ مَاتَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ، فَإِنْ قَضَاهُ قَبْلَ الْأَجَلِ رَجَعَ فِي الْحَالِّ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَرْجِعُ بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْقَضَاءِ قَبْلَ ذَلِكَ (وَإِنْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ حَالًّا) لَمْ يَصِرْ حَالًّا وَ (لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْلَ أَجَلِهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ) ، لِأَنَّ الضَّامِنَ فَرْعُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، فَلَا يَسْتَحِقُّ مُطَالَبَتَهُ دُونَ أَصْلِهِ، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ، لِأَنَّ مُقْتَضَى صِحَّةِ الضَّمَانِ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ لِلْمُخَالَفَةِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ إِذَا قَضَاهُ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ حَتَّى يَحِلَّ، لِأَنَّ الضَّمَانَ لَمْ يُغَيِّرْهُ عَنْ تَأْجِيلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>