ثِقَةٌ، أَوْ رَأَى رَجُلًا يُعْرَفُ بِالْفُجُورِ يَدْخُلُ إِلَيْهَا، فَيُبَاحُ قَذْفُهَا وَلَا يَجِبُ، وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنَهُمَا لَمْ يُبَحْ نَفْيُهُ بِذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ إِبَاحَتُهُ.
فَصْلٌ وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ تَنْقَسِمُ إِلَى: صَرِيحٍ، وَكِنَايَةٍ، فَالصَّرِيحُ قَوْلُهُ: يَا زَانِي، يَا عَاهِرُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالشَّرْحِ لَا تَكْفِي اسْتِفَاضَةٌ بِلَا قَرِينَةٍ (أَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ ثِقَةٌ) فَلَوْ كَانَ يُخْبِرُ مَنْ لَا يُوثَقُ بِهِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى الْكَذِبِ عَلَيْهَا (أَوْ رَأَى رَجُلًا يُعْرَفُ بِالْفُجُورِ يَدْخُلُ إِلَيْهَا) زَادَ فِي التَّرْغِيبِ: خَلْوَةً (فَيُبَاحُ قَذْفُهَا) لِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ فُجُورُهَا (وَلَا يَجِبُ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ فِرَاقُهَا، وَالسُّكُوتُ هُنَا أَوْلَى، لِأَنَّهُ أَسْتَرُ، وَلِأَنَّ قَذْفَهَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا، أَوْ يُقِرَّ فَيَفْتَضِحَ.
فَرْعٌ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إِذَا قَالَ: أَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا زَنَتْ، فَكَذَّبَتْهُ، فَفِي كَوْنِهِ قَاذِفًا نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ جُعِلَ قَذْفًا، أَوْ قَذَفَهَا صَرِيحًا، فَلَهُ اللِّعَانُ، وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ، فَأَنْكَرَتْهُ، لَمْ تُطَلَّقْ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَلَوْ أَسْقَطَتْ جَنِينًا بِسَبَبِ الْقَذْفِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: الْمُبَاحُ أَنَّهُ يَرَاهَا تَزْنِي، أَوْ يَظُنُّهُ وَلَا وَلَدَ (وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنَهُمَا) كَأَبْيَضَ بَيْنَ أَسْوَدَيْنِ، أَوْ بِالْعَكْسِ (لَمْ يُبَحْ نَفْيُهُ بِذَلِكَ) اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ: «لَعَلَّهُ نَزَعَةُ عِرْقٌ» ، وَلِأَنَّ دَلَالَةَ الشَّبَهِ ضَعِيفَةٌ، وَدَلَالَةُ الْفِرَاشِ قَوِيَّةٌ، بِدَلِيلِ قَضِيَّةِ سَعْدٍ وَعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ (وَقَالَ) الْقَاضِي وَ (أَبُو الْخَطَّابِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ إِبَاحَتُهُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: إِنْ جَاءَتْ بِهِ جَعْدًا. الْخَبَرَ. فَجَعَلَ الشَّبَهَ دَلِيلًا عَلَى نَفْيِهِ عَنْهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَنْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ لِعَانِهِ وَنَفْيِهِ إِيَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَجَعَلَ الشَّبَهَ مُرَجِّحًا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ لَهُ نَفْيَهُ بِقَرِينَةٍ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَإِنِ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ جَازَ النَّفْيُ فِي الْأَشْهَرِ، وَإِنْ كَانَ يَعْزِلُ عَنْهَا فَلَا، لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ.
[أَلْفَاظُ الْقَذْفِ]
[أَلْفَاظُ الْقَذْفِ الصَّرِيحَةُ]
فَصْلٌ
(وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ تَنْقَسِمُ إِلَى: صَرِيحٍ، وَكِنَايَةٍ) لِأَنَّهَا أَلْفَاظٌ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute