للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَنَى فَرْجُكَ، وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْقَذْفِ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِمَا يُحِيلُهُ، وَإِنْ قَالَ: يَا لُوطِيُّ، يَا مَعْفُوجُ، فَهُوَ صَرِيحٌ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّكَ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّكَ تَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ غَيْرَ إِتْيَانِ الرِّجَالِ، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: لَسْتَ بِوَلَدِ فُلَانٍ، فَقَدْ قَذَفَ أُمَّهُ، وَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَانْقَسَمَتْ إِلَى ذَلِكَ كَالطَّلَاقِ (فَالصَّرِيحُ قَوْلُهُ: يَا زَانِي، يَا عَاهِرُ زَنَى فَرْجُكَ، وَنَحْوُهُ) كَزَنَيْتَ، وَيَا مَنْيُوكُ (مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْقَذْفِ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِمَا يُحِيلُهُ) لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ، أَشْبَهَ صَرِيحَ الطَّلَاقِ (وَإِنْ قَالَ: يَا لُوطِيُّ، يَا مَعْفُوجُ) هُوَ مَفْعُولٌ مِنْ: عَفَجَ، يَعْنِي: نَكَحَ، فَكَأَنَّهُ بِمَعْنَى مَنْكُوحٍ، أَيْ: مَوْطُوءٍ (فَهُوَ صَرِيحٌ) فِي الْمَنْصُوصِ، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ فِيهِمَا إِذَا قَذَفَهُ بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، لِأَنَّ اللُّوطِيَّ الزَّانِي بِالذُّكُورِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: يَا زَانِي، وَحِينَئِذٍ لَا يُسْمَعُ تَفْسِيرُهُ بِمَا يُحِيلُ الْقَذْفَ، وَعَنْهُ: مَعَ غَضَبٍ، لِأَنَّ قَرِينَةَ الْغَضَبِ تَدُلُّ عَلَى إِرَادَةِ الْقَذْفِ بِخِلَافِ حَالَةِ الرِّضَا (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّكَ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) وَهَذَا رِوَايَةٌ نَقَلَهَا الْمَرُّوذِيُّ، لِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِمَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ، كَمَا لَوْ فَسَّرَهُ بِهِ مُتَّصِلًا بِكَلَامِهِ (وَهُوَ بِعِيدٌ) لَأَنَّ إِطْلَاقَ لَفْظِهِ وَإِرَادَةَ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهِ بُعْدٌ، مَعَ أَنَّ قَوْمَ لُوطٍ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَةً أَنَّهَا وُطِئَتْ فِي دُبُرِهَا، أَوْ قَذَفَ رَجُلًا بِوَطْءِ امْرَأَةٍ فِي دُبُرِهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَقِيلَ: لَا، وَمَبْنَى الْخِلَافِ هُنَا عَلَى الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ حَدِّ الزِّنَا عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّكَ تَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ غَيْرَ إِتْيَانِ الرِّجَالِ، احْتُمِلَ وَجْهَيْنِ) .

أَشْهَرُهُمَا: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ، لِأَنَّهُ فَسَّرَ اللَّفْظَ بِمَا لَا يَحْتَمِلُهُ غَالِبًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: يَا زَانِي.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُحَدُّ، لِأَنَّ مَا فَسَّرَ بِهِ كَلَامَهُ مُحْتَمِلُ الْإِرَادَةِ، وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبَهَاتِ.

فَرْعٌ: إِذَا فَسَّرَ يَا مَنْيُوكَةُ بِفِعْلِ زَوْجٍ، فَلَيْسَ قَذْفًا، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَزَادَ: إِنْ أَرَادَ بِـ " زَانِي " الْعَيْنِ، أَوْ يَا عَاهِرَ الْيَدِ، لَمْ يُقْبَلْ مَعَ سَبْقِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى قَذْفٍ صَرِيحٍ (وَإِنْ قَالَ: لَسْتَ بِوَلَدِ فُلَانٍ، فَقَدْ قَذَفَ أُمَّهُ) فِي الْمَنْصُوصِ إِلَّا مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ أَبُوهُ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ بِزِنَا أُمِّهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْضِي أَنَّ أُمَّهُ أَتَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ، وَذَلِكَ قَذْفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>