قَالَ: لَسْتَ بِوَلَدِي، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ أَزْنَى النَّاسِ، أَوْ أَزْنَى مِنْ فُلَانَةٍ، أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا زَانِيَةُ، أَوْ لِامْرَأَةٍ: يَا زَانِي أَوْ قَالَ: زَنَتْ يَدَاكَ وَرِجْلَاكَ، فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْقَذْفِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ، وَإِنْ قَالَ زَنَأْتَ فِي الْجَبَلِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَهَا، وَكَذَا إِنْ نَفَاهُ عَنْ قَبِيلَتِهِ، وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ: الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ لِنَفْيِ الرَّجُلِ عَنْ قَبِيلَتِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الرَّمْيُ بِالزِّنَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لِأَعْجَمِيٍّ: إِنَّكَ عَرَبِيٌّ (وَإِنْ قَالَ: لَسْتَ بِوَلَدِي، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي قَذْفِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُغْلِظَ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِوَلَدِهِ.
وَالثَّانِي: هُوَ صَرِيحٌ، لِأَنَّهُ نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ، أَشْبَهَ نَفْيَ وَلَدِ غَيْرِهِ عَنْ أَبِيهِ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: إِنْ لَمْ تَفْعَلْ كَذَا، فَلَسْتَ ابْنَ فُلَانٍ، فَلَا حَدَّ، لِأَنَّ الْقَذْفَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ، وَإِنْ قَالَ: لَسْتَ ابْنَ فُلَانَةٍ، عُذِّرَ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْ أَحَدًا بِالزِّنَا (وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ أَزْنَى النَّاسِ) فَهُوَ قَاذِفٌ فِي قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، لِأَنَّهُ أَضَافَ إِلَيْهِ الزِّنَا بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ (أَوْ أَزْنَى مِنْ فُلَانَةٍ) فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ الْقَاضِي، لِأَنَّ أَزَنَى مَعْنَاهُ الْمُبَالَغَةُ، فَفِيهِ الزِّنَا وَزِيَادَةٌ، وَقَدَّمَ فِي الْكَافِي: لَا، لِأَنَّ لَفْظَةَ أَفْعَلَ تُسْتَعْمَلُ لِلْمُنْفَرِدِ بِالْفِعْلِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَيْسَ بِقَذْفٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَهُ، لِأَنَّ مَوْضُوعَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ أَنْتَ أَزْنَى مِنْ زَيْدٍ فَقَدْ قَذَفَهُمَا صَرِيحًا، وَقِيلَ: كِنَايَةً، وَقِيلَ: لَيْسَ بِقَذْفٍ لِزَيْدٍ، وَهُوَ أَقَيْسُ (أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا زَانِيَةُ، أَوْ لِامْرَأَةٍ: يَا زَانِي) فَصَرِيحٌ، نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي الزِّنَا، وَزِيَادَةُ الْهَاءِ وَحَذْفُهَا خَطَأٌ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَاللَّحْنِ، وَكَفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا لَهُمَا خِلَافًا لِلرِّعَايَةِ فِي عَالِمٍ بِعَرَبِيَّةٍ، وَاخْتَارَ ابْنُ حَامِدٍ كَمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ إِلَّا أَنْ يُفَسِّرَ بِهِ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ عَلَّامَةٌ فِي الزِّنَا، كَمَا يُقَالُ لِلْعَالِمِ: عَلَّامَةٌ (أَوْ قَالَ: زَنَتْ يَدَاكَ وَرِجْلَاكَ، فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْقَذْفِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ زِنَا الْفَرْجِ (وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فِي الْأَخِيرَةِ، لِأَنَّ زِنَا هَذِهِ الْأَعْضَاءِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute