فَصْلٌ وَأَمَّا النَّقْصُ فَمَتَى تَرَكَ رُكْنًا، فَذَكَرَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ: «كَانَ لِي مَدْخَلَانِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ فَإِذَا دَخَلْتُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّي يَتَنَحْنَحُ لِي» ، وَلِلنَّسَائِيِّ مَعْنَاهُ، وَلِأَنَّها صَوْتٌ لَا يَدُلُّ بِنَفْسِهِ، وَلَا مَعَ لَفْظِ غَيْرِهِ عَلَى مَعْنًى، لِكَوْنِهَا حُرُوفًا غَيْرَ مُحَقَّقَةٍ، كَصَوْتٍ أُعْقِلَ، وَلَا يُسَمَّى فَاعِلُهَا مُتَكَلِّمًا، بِخِلَافِ النَّفْخِ، وَالتَّأَوُّهِ، وَأَطْلَقَ فِي " الْمُحَرَّرِ " الرِّوَايَتَيْنِ، وَقِيلَ: إِنْ تَنَحْنَحَ لِضَرُورَةٍ أَوْ حاجة فبان حَرْفَانِ فَوَجْهَانِ، وَحَمَلَ الْأَصْحَابُ مَا رُوِيَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِحَرْفَيْنِ، وَرَدَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهَا.
[النَّقْصُ فِي الصَّلَاةِ]
فَصْلٌ (وَأَمَّا النَّقْصُ، فَمَتَّى تَرَكَ رُكْنًا) نَاسِيًا أَوْ سَاهِيًا غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، أَوِ النِّيَّةِ إِذَا قُلْنَا بِرُكْنِيَّتِهَا (فَذَكَرَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى بَطَلَتِ) الرَّكْعَةُ (الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهَا) فَقَطْ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ، لِأَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا، وَلَمْ يُمْكِنِ اسْتِدْرَاكُهُ لِتَلَبُّسِهِ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، فَلَغَتْ رَكْعَتَهُ، وَصَارَتِ الَّتِي تَشْرَعُ فِيهَا عِوَضًا عَنْهَا، وَلَا يُعِيدُ الِاسْتِفْتَاحَ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ ذَكَرَ الرُّكْنَ الْمَتْرُوكَ قَبْلَ السُّجُودِ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ يَعُودُ إِلَى السَّجْدَةِ الْأُولَى، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ سُجُودِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَعَتْ عَنِ الْأُولَى، لِأَنَّ الرَّكْعَةَ قَدْ صَحَّتْ، وَمَا فَعَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ سَهْوًا لَا يَبْطُلُ كَمَا لَوْ ذَكَرَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ هَذَا الْقَوْلَ فَقَرَّبه، إِلَّا أَنَّهُ اخْتَارَ الْأَوَّلَ، وَذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُ وَجْهًا، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى، لِأَنَّ الْمَزْحُومَ فِي الْجُمْعَةِ إِذَا زَالَ الزِّحَامُ، وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ، وَيَسْجُدُ مَعَهُ، وَيَكُونُ السُّجُودُ مِنَ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى. فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ التَّرْكُ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute