للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَنَحْنَحُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَرَاهَا مُبْطِلَةً لِلصَّلَاةِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لَمْ يَكُنْ عَنْ غَلَبَةٍ، وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَدَحَ الْبَاكِينَ فَقَالَ {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: ٥٨] {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ} [الإسراء: ١٠٩] ، وَهُوَ عَامٌّ فِيمَا تَضَمَّنَ حَرْفًا أَوْ حُرُوفًا، وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ، وَلِهَذَا مَدَحَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: ١١٤] ، وَفِي التَّفْسِيرِ أَنَّهُ كَانَ يَتَأَوَّهُ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالثَّانِي: تَبْطُلُ ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ بِأُصُولِ أَحْمَدَ، لِعُمُومِ النُّصُوصِ، وَالْمَدْحُ عَلَى الْبُكَاءِ لَا يُخَصِّصُهُ، كَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ خَشْيَةٍ، لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْهِجَاءِ، وَيَدُلُّ بِنَفْسِهِ عَلَى الْمَعْنَى كَالْكَلَامِ، وَإِنِ اسْتَدْعَى الْبُكَاءَ كُرِهَ، كَالضَّحِكِ، وَإِلَّا فَلَا.

فَرْعٌ: إِذَا تَأَوَّهَ أَوْ أَنَّ، فَبَانَ حَرْفَانِ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ، لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْكَلَامِ، فَدَلَّ أَنَّهُمَا إِذَا ظَهَرَا مِنْ بُكَاءٍ أَوْ بُصَاقٍ أَوْ تَثَاؤُبٍ أَوْ سُعَالٍ لَا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهَا تَبْطُلُ قَالَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ: إِذَا قُلْنَا إِنَّ الْكَلَامَ نَاسِيًا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ، فَمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ غَالِبًا لَا تَبْطُلُ بِهِ، وَإِنْ بَانَ حَرْفَانِ (وَقَالَ أَصْحَابُنَا فِي النَّحْنَحَةِ مِثْلَ ذَلِكَ) أَيْ: هِيَ كَالنَّفْخِ، وَالْقَهْقَهَةِ، إِنْ بَانَ حَرْفَانِ فَسَدَتْ، لِأَنَّهُ إِذَا أَبَانَهُمَا كَانَ مُتَكَلِّمًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَنَّ (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَنَحْنَحُ فِي الصَّلَاةِ) نَقَلَهَا الْمَرُّوذِيُّ، وَمُهَنًّا.

(وَلَا يَرَاهَا مُبْطِلَةً لِلصَّلَاةِ) اخْتَارَهَا الْمُؤَلِّفُ، وَيُعَضِّدُهُ مَا رَوَى أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَلِيٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>