وَلَا عَبْدٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى، وَمَنْ حَضَرَهَا مِنْهُمْ أَجْزَأَتْهُ، وَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا. وَعَنْهُ فِي العَبْدِ: أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ. وَمَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ لِعُذْرٍ إِذَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّ الْبَلَدَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ (إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ) مِنْ مَرَضٍ، وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ.
[مَنْ لَا تُجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]
(وَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرِ) لَهُ الْقَصْرُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُسَافِرُونَ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهِ، فَلَمْ يُصَلِّ أَحَدٌ مِنْهُمُ الْجُمُعَةَ فِيهِ مَعَ اجْتِمَاعِ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ، وَكَمَا لَا يَلْزَمُهُ بِنَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ بِغَيْرِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ إِنْ كَانَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ لَزِمَتْهُ.
وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ: إِنْ حَضَرَ مَكَانَهَا، فَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ لَا بِنَفْسِهِ، فَإِنْ أَقَامَ مَا يَمْنَعُ الْقَصْرَ، وَلَمْ يَنْوِ اسْتِيطَانًا، لَزِمَتْهُ فِي الْأَشْهَرِ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ، وَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ لِعَدَمِ الِاسْتِيطَانِ، وَفِي صِحَّةِ إِمَامَتِهِ فِيهَا وَجْهَانِ، وَعَنْهُ: لَا تَلْزَمُهُ، جَزَمَ بِهِ فِي " التَّلْخِيصِ "؛ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا، وَفِي " الْكَافِي "؛ لِأَنَّ الِاسْتِيطَانَ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانُوا يُقِيمُونَ بِالرَّيِّ السَّنَةَ وَأَكْثَرَ، وَبِسِجِسْتَانَ، لَا يَجْمَعُونَ وَلَا يُشَرِّقُونَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ.
فَرْعٌ: لَا جُمُعَةَ بِمِنًى كَعَرَفَةَ، نَصَّ عَلَيْهِ، نَقَلَ يَعْقُوبُ: لَيْسَ بَيْنَهُمَا جُمُعَةٌ، إِنَّمَا يُصَلِّي الظُّهْرَ وَلَا يَجْهَرُ، وَقِيلَ: وَلَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ (وَلَا عَبْدٍ، وَلَا امْرَأَةٍ) لِمَا ذَكَرْنَاهُ (وَلَا خُنْثَى) لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ رَجُلًا، لَكِنْ يُشْكَلُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إِذَا قِيلَ: إِنَّهَا فَرْضُ الْوَقْتِ، وَالظَّهْرُ بَدَلٌ عَنْهَا (وَمَنْ حَضَرَهَا مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ هَؤُلَاءِ (أَجْزَأَتْهُ) لِأَنَّ إِسْقَاطَ الْجُمُعَةِ عَنْهُمْ تَخْفِيفًا، فَإِذَا حَضَرَهَا أَجْزَأَتْ، كَالْمَرِيضِ (وَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ مِنْهُمُ الْجُمُعَةُ تَبَعًا لِمَنِ انْعَقَدَتْ بِهِ، فَلَوِ انْعَقَدَتْ بِهِمْ لَانْعَقَدَتْ بِهِمْ مُتَفَرِّقِينَ كَالْأَحْرَارِ الْمُقِيمِينَ (وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا) لِئَلَّا يَصِيرَ التَّابِعُ مَتْبُوعًا؛ وَهُوَ فِي الْمَرْأَةِ اتِّفَاقٌ، وَكَذَا مُسَافِرٌ لَهُ الْقَصْرُ، وَقِيلَ: تَلْزَمُهُ تَبَعًا لِلْمُقِيمِينَ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً: تَلْزَمْهُ بِحُضُورِهَا فِي وَقْتِهَا مَا لَمْ يَنْضَرَّ بِالِانْتِظَارِ، وَتَنْعَقِدُ بِهِ، وَيَؤُمُّ فِيهَا كَمَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ تَخْفِيفًا لِعُذْرِ مَرَضٍ وَخَوْفٍ وَنَحْوِهِمَا لِزَوَالِ ضَرَرِهِ، فَهُوَ كَمُسَافِرٍ يَقْدِمُ، وَإِنْ قُلْنَا: تَلْزَمُ عَبْدًا وَصَبِيًّا صَحَّتْ إِمَامَتُهُمَا، وَانْعَقَدَتْ بِهِمَا، وَصَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ " فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute