للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ تَقْرِيبًا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ.

وَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

رِوَايَةٌ أَنَّهَا تَلْزَمُهَا (حُرٍّ) هُوَ الْمَشْهُورُ؛ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، وَلِأَنَّ الْعَبْدَ مَمْلُوكُ الْمَنْفَعَةِ مَحْبُوسٌ عَلَى سَيِّدِهِ، أَشْبَهَ الْمَحْبُوسَ بِالدَّيْنِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَقِيَاسًا عَلَى الظُّهْرِ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ سَيِّدَهُ، وَيَحْرُمُ مَنْعُهُ وَمُخَالَفَتُهُ.

قَالَ الْمُؤَلِّفُ: لَا يَذْهَبُ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُمْ بِإِذْنِ سَيِّدٍ، وَمُقْتَضَاهُ: لَا تَجِبُ عَلَى الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي نَوْبَتِهِ؛ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، كَالْقِنِّ، لِبَقَاءِ الرِّقِّ، وَتَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ (مُسْتَوْطِنٍ بِبِنَاءٍ) مُعْتَادٍ، وَلَوْ كَانَ فَرَاسِخَ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. مِنْ حَجَرٍ أَوْ قَصَبٍ وَنَحْوِهِ، مُتَّصِلًا أَوْ مُتَفَرِّقًا، يَشْمَلُهُ اسْمٌ وَاحِدٌ، لَا يَرْتَحِلُ عَنْهُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا (لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ) إِذَا كَانَ خَارِجًا عَنِ الْمِصْرِ (أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ) نَصَّ عَلَيْهِ (تَقْرِيبًا) عَنْ مَكَانِ الْجُمُعَةِ، وَعَنْهُ: عَنْ أَطْرَافِ الْبَلَدِ، وَعَنْهُ: الِاعْتِبَارُ بِسَمَاعِ النِّدَاءِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ: إِنَّمَا أَسْنَدَهُ قَبِيصَةُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ مِنَ الثِّقَاتِ.

قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": الْأَشْبَهُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلَفْظُهُ: «إِنَّمَا الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» ، وَالْعِبْرَةُ بِسَمَاعِهِ مِنَ الْمَنَارَةِ لَا بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ، نَصَّ عَلَيْهِ، زَادَ بَعْضُهُمْ: غَالِبًا مِنْ مَكَانِهَا، أَوْ مِنْ أَطْرَافِ الْبَلَدِ، وَعَنْهُ: يَجِبُ عَلَى مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الذَّهَابِ إِلَيْهَا، وَالْعَوْدِ إِلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمِهِ، رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، وَالْحَسَنِ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ، يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ كَالْمِصْرِ، وَاعْتِبَارُ سَمَاعِ النِّدَاءِ غَيْرُ مُمْكِنٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِيهِمُ الْأَصَمُّ، وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ، فَيَخْتَصُّ بِسَمَاعِهِ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَاعْتُبِرَ بِمَظِنَّتِهِ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَسْمَعُ فِيهِ النِّدَاءَ غَالِبًا إِذَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ صَيِّتًا، وَالرِّيَاحُ سَاكِنَةً، وَالْأَصْوَاتُ هَادِئَةً، وَالْعَوَارِضُ مُنْتَفِيَةً، هُوَ فَرْسَخٌ، فَلَوْ سَمِعَتْهُ قَرْيَةٌ مِنْ فَوْقِ فَرْسَخٍ لِعُلُوِّ مَكَانِهَا، أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَنْ دُونَهُ لِجَبَلٍ حَائِلٍ أَوِ انْخِفَاضِهَا، فَعَلَى الْخِلَافِ، وَحَيْثُ لَزِمَهُمْ، لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِمْ لِئَلَّا يَصِيرَ التَّابِعُ أَصْلًا، وَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ إِلَيْهَا، قَرُبَ أَوْ بَعُدَ، سَمِعَ النِّدَاءَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>