للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُبَاحِ، كَقَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَلْبَسَ ثَوْبِي، أَوْ أَرْكَبَ دَابَّتِي، فَهَذَا كَالْيَمِينِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِهِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. وَإِنْ نَذَرَ مَكْرُوهًا كَالطَّلَاقِ اسْتُحِبَّ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلَهُ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَفَّارَةُ يَمِينٍ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَلِأَنَّهَا يَمِينٌ فَيَتَخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ هَذَا جَمْعٌ لِلصِّفَتَيْنِ، فَيَخْرُجُ عَنِ الْعُهْدَةِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَنْهُ: يَتَعَيَّنُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِلْخَبَرِ، وَفِي الْوَاضِحِ: يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِمَا قَالَ، نَقَلَ صَالِحٌ: إِذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَا كَفَّارَةَ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يَضُرُّ قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُلْزِمُ بِذَلِكَ، أَوْ لَا أُقَلِّدُ مَنْ يَرَى الْكَفَّارَةَ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يَتَغَيَّرُ بِتَوْكِيلٍ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ بَتَّةً، قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ قَصَدَ لُزُومَ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ لَزِمَهُ مُطْلَقًا عِنْدَ أَحْمَدَ، نَقَلَ الْجَمَاعَةُ فِيمَنْ حَلَفَ بِحَجَّةٍ: إِنْ أَرَادَ يَمِينًا كَفَّرَ يَمِينَهُ، وَإِنْ أَرَادَ نَذْرًا فَعَلَى حَدِيثِ عُقْبَةَ.

فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ، فَفَعَلَهُ عُتِقَ، لِأَنَّ الْعِتْقَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ، أَشْبَهَ الطَّلَاقَ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ بِعْتُكَ ثَوْبِي فَهُوَ صَدَقَةٌ، فَقَالَ: فَإِنِ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ، لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ.

[الْقِسْمُ الثَّالِثُ نَذْرُ الْمُبَاحِ]

(الثَّالِثُ: نَذْرُ الْمُبَاحِ كَقَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَلْبَسَ ثَوْبِي، أَوْ أَرْكَبَ دَابَّتِي، فَهَذَا كَالْيَمِينِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِهِ، وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ) لِمَا سَبَقَ، وَعَنْهُ: لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا نَذْرَ إِلَّا فِيمَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ.» وَلِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: «بَيْنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بَرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْسِ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ، وَأَنْ يَصُومَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مُرُوهُ، فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِكَفَّارَةٍ، فَإِنْ وَفَى بِهِ أَجْزَأَهُ، «لِأَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ، فَقَالَ: فَأَوْفِ بِنَذْرِكِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرَوَاهُ بِمَعْنَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ مُبَاحٍ بَرَّ بِفِعْلِهِ، فَكَذَا إِذَا نَذَرَهُ، لَأَنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ.

(وَإِنْ نَذَرَ مَكْرُوهًا كَالطَّلَاقِ اسْتُحِبَّ أَنْ يُكَفِّرَ) لِيَخْرُجَ عَنْ عُهْدَةِ نَذْرِهِ (وَلَا يَفْعَلَهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>