الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ، فَمَا كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ فَلِوَرَثَتِهِ، وَيَرِثُ وَيُحْجَبُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالْحَمْلِ يَنْتَقِضُ بِمُخْتَلِفِي الدِّينِ (وَلَا يُورَثُ) إِجْمَاعًا لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَيُورَثُ عَنْهُ، وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، وَإِنْ قِيلَ بِهِ، فَمِلْكُهُ نَاقِصٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، يَنْتَقِلُ إِلَى سَيِّدِهِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ فِيهِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ» إِلَى آخِرِهِ، إِذِ السَّيِّدُ أَحَقُّ بِمَنَافِعِهِ وَأَكْسَابِهِ، فَكَذَا بَعْدَ مَمَاتِهِ (سَوَاءٌ كَانَ قِنًّا) قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: هُوَ وَأَبُوهُ مَمْلُوكَانِ، وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: هُوَ الرَّقِيقُ الْكَامِلُ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ أَسْبَابِ الْعِتْقِ وَمُقَدِّمَاتِهِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَرُبَّمَا قَالُوا عَبِيدٌ قِنَانٌ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَقِنَّةٍ (أَوْ مُدَبَّرًا) لِأَنَّ فِيهِ جَمِيعَ أَحْكَامِ الْعُبُودِيَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَاعَهُ (أَوْ مُكَاتَبًا) لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إِذَا لَمْ يَمْلِكْ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ، وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ: إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ كِتَابَتِهِ، وَعَجَزَ عَنِ الرُّبُعِ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ إِيتَاؤُهُ ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: أَنَّهُ إِذَا مَلَكَ مَا يُؤَدِّي، صَارَ حُرًّا يَرِثُ وَيُورَثُ، فَإِذَا مَاتَ لَهُ مَنْ يَرِثُهُ وَرَثَ، وَإِنْ مَاتَ، فَلِسَيِّدِهِ بَقِيَّةُ كِتَابَتِهِ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ، لِأَثَرٍ سَيَأْتِي (أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) لِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ يَجْرِي فِيهَا جَمِيعُ أَحْكَامِ الرِّقِّ إِلَّا مَا اسْتُثْنِيَ.
فَرْعٌ: الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ إِذَا لَمْ تُوجَدْ، كَذَلِكَ.
(فَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فَمَا كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ) مِثْلَ أَنْ يَكُونَ قَدْ هَايَأَ سَيِّدَهُ عَلَى مَنْفَعَتِهِ، فَاكْتَسَبَ فِي أَيَّامِهِ، أَوْ وَرِثَ شَيْئًا، فَإِنَّ الْمِيرَاثَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ (فَلِوَرَثَتِهِ، وَيَرِثُ) إِذَا مَاتَ لَهُ مَنْ يَرِثُهُ (وَيُحْجَبُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ الْحُرِّيَّةِ) فِي قَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ، لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا الْبَرْمَكِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْعَبْدِ يُعْتَقُ بَعْضُهُ: يَرِثُ وَيُورَثُ عَلَى مَا عَتَقَ مِنْهُ» وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا كَانَ الْعَبْدُ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ رَقِيقًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute