للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَحْنَثَ، وَإِنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ الْمَاءَ، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ غَدًا، فَتَلِفَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغَدِ، حَنِثَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ، وَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فَأَبْرَأَهُ، فَهَلْ يَحْنَثُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَحِقُّ، فَقَضَى وَرَثَتُهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْنَثُ، وَإِنْ بَاعَهُ بِحَقِّهِ عَرَضًا لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ، وَحَنِثَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْيَوْمَ لَمْ يَبِرَّ، نَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَصُومَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَصَامَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَبِرُّ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُهُ، وَإِلَّا حَنِثَ، وَإِنْ جُنَّ الْعَبْدُ فَضَرَبَهُ بَرَّ، وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ) أَيْ: قَبْلَ الْغَدِ، أَوْ جُنَّ فَلَمْ يَفُقْ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْغَدِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْحِنْثَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بفوات المحلوف عَلَيْهِ فِي وَقْتِهِ، وَهُوَ الْغَدُ، وَالْحَالِفُ قَدْ خَرَجَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَا يُمْكِنُ حِنْثُهُ بِخِلَافِ مَوْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ فِي غَدٍ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ ضَرْبِهِ، فَلَمْ يَضْرِبْهُ، حَنِثَ وَجْهًا وَاحِدًا، وَكَذَا إِنْ هَرَبَ الْعَبْدُ أَوْ مَرِضَ، أَوِ الْحَالِفُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَرْبِهِ (وَإِنْ حَلَفَ لِيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فَأَبْرَأَهُ) مِنْهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ (فَهَلْ يَحْنَثُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى مَا إِذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ فَتَلِفَ قَبْلَ فِعْلِهِ.

أَحَدُهُمَا: الْحِنْثُ، لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى الْقَضَاءِ، وَالْإِبْرَاءُ لَيْسَ بِقَضَاءٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: مَا قَضَانِي حَقِّي، وَإِنَّمَا أَبْرَأْتُهُ مِنْهُ.

وَالثَّانِي، وَهُوَ الْأَصَحُّ: عَدَمُهُ، لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْقَضَاءِ حُصُولُ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ، فَلَا يَحْنَثُ، وَفِي التَّرْغِيبِ: أَصْلُهُمَا إِذَا مُنِعَ مِنَ الْإِيفَاءِ فِي غَدٍ كَرْهًا لَا يَحْنَثُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَطْلَقَ فِي التَّبْصِرَةِ فِيهِمَا الْخِلَافَ (وَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَحِقُّ فَقَضَى وَرَثَتُهُ لَمْ يَحْنَثْ) قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ السَّامِرِيُّ وَالْمَجْدُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ قَضَاءَ وَرَثَتِهِ يَقُومُ مَقَامَ قَضَائِهِ فِي إِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ، فَكَذَلِكَ فِي يَمِينِهِ، (وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْنَثُ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ غَدًا، فَمَاتَ الْعَبْدُ الْيَوْمَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُورُ، لَأَنَّ مَوْتَ الْعَبْدِ يُخَالِفُ ذَلِكَ، لِأَنَّ ضَرْبَ غَيْرِهِ لَا يَقُومُ مَقَامَ ضَرْبِهِ (وَإِنْ بَاعَهُ بِحَقِّهِ عَرَضًا، لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ) قَدَّمَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>