للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَرِيرَيْنِ، وَعَنْهُ: يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ فَاسِقَيْنِ، وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَمُرَاهِقَيْنِ عَاقِلَيْنِ، وَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ مُسْلِمٍ بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّيْنِ، وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَنْعَقِدَ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ ذِمِّيَّةً، وَلَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الِاحْتِيَاطُ لِلْأَبْضَاعِ وَصِيَانَةُ الْأَنْكِحَةِ عَنِ الْجُحُودِ، (فَلَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ) دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْعُقُودِ ; لِمَا فِيهِ مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ - وَهُوَ الْوَلَدُ - لِئَلَّا يَجْحَدَهُ أَبُوهُ، فَيَضِيعُ نَسَبُهُ، (عَدْلَيْنِ) ; لِلْأَخْبَارِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يَكْفِي مَسْتُورُ الْحَالِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ فِي الْأَمْوَالِ ; لِتَعَذُّرِ الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ فِي الْبَاطِنِ غَالِبًا ; لِوُقُوعِ النِّكَاحِ فِي الْبَوَادِي وَبَيْنَ عَوَامِّ النَّاسِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ كَغَيْرِهِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي فِي " التَّعْلِيقِ " بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا تُعْرَفُ الرِّوَايَةُ عَنِ الْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ، (ذَكَرَيْنِ) ; لِقَوْلِ الزُّهْرِيِّ: مَضَتِ السُّنَّةُ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ، رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي " الْأَمْوَالِ " ; وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا يُقْصَدُ بِهِ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا، فَلَمْ يَنْعَقِدْ بِهِنَّ كَالْحُدُودِ. (بِالِغَيْنِ) عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا شَهَادَةَ لَهُ. (عَاقِلَيْنِ) ; لِأَنَّ الْمَجْنُونَ وَالطِّفْلَ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ، (وَإِنْ كَانَا ضَرِيرَيْنِ) ; لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى قَوْلٍ، فَصَحَّتْ مِنَ الْأَعْمَى كَشَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ، وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَتَيَقَّنَ الصَّوْتَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَشُكُّ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِيَّةُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ: حُضُورُهُمَا سَوَاءٌ حَضَرَا قَصْدًا أَوِ اتِّفَاقًا، فَلَوْ حَضَرَا وَسَمِعَا الْإِجَابَةَ وَالْقَبُولَ، صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعَا الصَّدَاقَ. (وَعَنْهُ: يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ فَاسِقَيْنِ) ; لِأَنَّهُ تَحَمُّلٌ، فَلَمْ تُعْتَبَرْ فِيهِ الْعَدَالَةُ كَسَائِرِ التَّحَمُّلَاتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; لِأَنَّ مَنْ لَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِقَوْلِهِ لَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَتِهِ كَالصَّبِيِّ، فَلَوْ بَانَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُمَا فَاسِقَانِ، فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ - ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ - ; لِاشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَقِيلَ: لَا ; لِعَدَمِ شَرْطِهِ (وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) ; لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ أَشْبَهَ الْبَيْعَ (وَمُرَاهِقَيْنِ عَاقِلَيْنِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ ; وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ تَحَمُّلُهُ، فَصَحَّتْ شَهَادَتُهُ كَالْبَيْعِ.

(وَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ مُسْلِمٍ بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّيْنِ) ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] ; وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» ; وَلِأَنَّهُ نِكَاحُ مُسْلِمٍ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّيْنِ، كَنِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ مُسْلِمَيْنِ أَوِ

<<  <  ج: ص:  >  >>