للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ أَصَمَّيْنِ وَلَا أَخْرَسَيْنِ، وَهَلْ يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ عَدُوَّيْنِ أَوِ ابْنَيِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَعَنْهُ: أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الزَّوْجُ وَحْدَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ (وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَنْعَقِدَ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ ذِمِّيَّةً) بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ بِقَبُولِ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، (وَلَا يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ أَصَمَّيْنِ) ; لِأَنَّهُ لَا يَسْمَعُ الْعَقْدَ لِيَشْهَدَ بِهِ (وَلَا أَخْرَسَيْنِ) ; لِأَنَّ النُّطْقَ شَرْطٌ، وَهُوَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (وَهَلْ يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ عَدُوَّيْنِ أَوِ ابْنَيِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا؛) أَوِ الْوَلِيِّ، أَوْ مُتَّهِمٍ لِرَحِمٍ مِنْ أَحَدِهِمْ (عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: يَنْعَقِدُ ; لِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِهِمَا نِكَاحُ غَيْرِ هَذَا الزَّوْجِ، فَانْعَقَدَ بِهِمَا نِكَاحُهُ كَسَائِرِ الْعُدُولِ.

وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ الْعَدُوَّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوِّهِ، وَكَذَا الِابْنُ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِي أَهْلِ الصَّنَائِعِ الرَّذِيلَةِ، كَالْحَجَّامِ وَنَحْوِهِ (وَعَنْهُ: إِنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ) بَلْ تُسَنُّ فِيهِ كَعَقْدِ غَيْرِهِ، فَيَصِحُّ بِدُونِهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَزَوَّجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ وَلَا شُهُودٍ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَثْبُتُ فِي الشَّاهِدَيْنِ فِي النِّكَاحِ خَبَرٌ، وَكَذَا قَالَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرْوَذِيِّ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَقَضِيَّةُ الْمَوْهُوبَةِ نَفْسِهَا قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ، وَالْأَحَادِيثُ يَتَقَوَّى بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَالْجُمْهُورُ قَدْ أَطْلَقُوا هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَقَيَّدَهَا الْمَجْدُ وَجَمَاعَةٌ بِمَا إِذَا لَمْ يَكْتُمُوهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إِجْمَاعًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُبْطِلُهُ التَّوَاصِي بِكِتْمَانِهِ، وَعَنْهُ: بَلَى، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَحْمَدَ: إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ أَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ، قَالَ: وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ: هَلْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ هَذَا الزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، أَوْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا حَاكِمٌ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، قَالَ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ: إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَرِثْهُ الْآخَرُ، قَالَ: فَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِحَضْرَةِ شُهُودٍ فَلَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ: إِنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يُطَلِّقَهَا، أَوْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا حَاكِمٌ - مَعَ قَوْلِهِ: إِنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ، قَالَ السَّامَرِّيُّ: كُلُّ ذَلِكَ يَتَخَرَّجُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ هَلْ هِيَ شَرْطٌ أَمْ لَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>