إِلَى مَنْ يَحُجُّ، فَإِنْ عَيَّنَهُ، فَقَالَ: يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ بِأَلْفٍ، فَإِنْ أَبَى الْحَجَّ، وَقَالَ: اصْرِفُوا لِيَ الْفَضْلَ، لَمْ يُعْطَهُ، وَبَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ وَصَّى لِأَهْلِ سِكَّتِهِ، فَهُوَ لِأَهْلِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ يُعْمَلَ بِهَا، فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا فَضْلٌ، فَهُوَ لِمَنْ يَحُجُّ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إِرْفَاقَهُ، فَكَأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ، وَقِيلَ: إِرْثٌ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَلَا يَدْفَعُهَا إِلَى وَارِثٍ نَصَّ عَلَيْهِ، زَادَ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ إِلَّا بِإِذْنِ الْوَرَثَةِ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ لِلْوَارِثِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ إِذَا عَيَّنَهُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى نَفَقَةِ الْمِثْلِ، وَفِي الْفُصُولِ: إِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ، جَازَ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: لَا، كَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ (فَإِنْ عَيَّنَهُ، فَقَالَ: يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ بِأَلْفٍ) صُرِفَ ذَلِكَ إِلَيْهِ (فَإِنْ أَبَى الْحَجَّ، وَقَالَ: اصْرِفُوا لِيَ الْفَضْلَ لَمْ يُعْطَهُ) لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَصَّى لَهُ بِالزِّيَادَةِ بِشَرْطِ الْحَجِّ، وَلَمْ يُوجَدْ (وَبَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ) حَكَاهُ فِي الْفُرُوعِ قَوْلًا؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَمْ يَقْبَلْهَا بِامْتِنَاعِهِ مِنْ فِعْلِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَالٍ فَرَدَّهُ، وَقِيلَ: فِي حَقِّهِ، وَقَدْ زَادَهُ بَعْضُ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْإِصْلَاحِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِيهَا حَقٌّ لِلْحَجِّ، وَحَقٌّ لِلْمُوصَى لَهُ، فَإِذَا رَدَّهُ، بَطَلَ فِي حَقِّهِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِقَوْلِهِ: بِيعُوا عَبْدِي لِفُلَانٍ، وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَقْدِرِ الْمُوصَى لَهُ بِفَرَسٍ فِي السَّبِيلِ عَلَى الْخُرُوجِ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَيَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلَّ مَا يُمْكِنُ مِنْ نَفَقَةٍ، أَوْ أُجْرَةٍ، وَالْبَقِيَّةُ إِرْثٌ كَالْفَرْضِ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: حُجُّوا عَنِّي حَجَّةً، وَلَمْ يَذْكُرْ قَدْرًا مِنَ الْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يُدْفَعُ إِلَى مَنْ يَحُجُّ إِلَّا قَدْرُ نَفَقَةِ الْمِثْلِ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ، قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ، فَلَا يَسْتَأْجِرُ إِلَّا نَفْسَهُ بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ، وَمَا فَضَلَ، فَهُوَ لِلْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَا أُعْطِيَ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ فِي الطَّرِيقِ، فَهُوَ مِنْ مَالِهِ، وَيَلْزَمُهُ إِتْمَامُ الْعَمَلِ، فَلَوْ وَصَّى بِثَلَاثِ حِجَجٍ إِلَى ثَلَاثِ نَفَرٍ، صَحَّ صَرْفُهَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَفِي الرِّعَايَةِ عَكْسُهُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِالنَّفَقَةِ، صَحَّ، وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: إِنْ وَصَّى بِأَلْفٍ يَحُجُّ بِهَا، صَرَفَ فِي كُلِّ حَجَّةٍ قَدْرَ نَفَقَتِهِ حَتَّى يَنْفُذَ، وَإِنْ قَالَ: حُجُّوا عَنِّي بِأَلْفٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute