دَرْبِهِ، وَإِنْ وَصَّى لِجِيرَانِهِ، تَنَاوَلَ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مُسْتَدَارُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَمَا فَضَلَ لِلْوَرَثَةِ، وَلَوْ قَالَ: يَحُجُّ عَنِّي زَيْدٌ بِأَلْفٍ، فَمَا فَضَلَ وَصِيَّةً لَهُ أَنْ يَحُجَّ، وَلَهُ تَأْخِيرُهُ لِعُذْرٍ، وَلَا يُعْطَى إِلَى أَيَّامِ الْحَجِّ، قَالَهُ أَحْمَدُ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: اشْتَرَى بِهِ مَتَاعًا يَتَّجِرُ بِهِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ، قَدْ خَالَفَ، لَمْ يَقُلِ: أَتَّجِرُ بِهِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَحُجَّ وَصِيٌّ بِإِخْرَاجِهَا نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُنَفِّذٌ كَقَوْلِهِ تَصَدَّقْ عَنِّي، لَا يَأْخُذُ مِنْهُ، وَكَمَا لَا يَحُجُّ عَلَى دَابَّةٍ مُوصَى بِهَا فِي السَّبِيلِ.
(وَإِنْ وَصَّى لِأَهْلِ سِكَّتِهِ، فَهُوَ لِأَهْلِ دَرْبِهِ) لِأَنَّ السِّكَّةَ الطَّرِيقُ، وَالدَّرْبَ طَرِيقٌ مُضَافٌ إِلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يُعْطَى مَنْ كَانَ سَاكِنًا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، أَوْ طَرَأَ إِلَيْهِ بَعْدَهَا، وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ بِالْأَوَّلِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: أَهْلُ دَرْبِهِ وَسِكَّتِهِ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ طَرِيقُهُمْ فِي دَرْبِهِ (وَإِنْ وَصَّى لِجِيرَانِهِ تَنَاوَلَ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «الْجَارُ أَرْبَعُونَ دَارًا هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَهَذَا نَصٌّ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إِنْ صَحَّ، وَإِلَّا فَالْجَارُ الْمُقَارِبُ، وَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى الْعُرْفِ، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَحَكَاهُ فِي الْفُرُوعِ قَوْلًا، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْطَى إِلَّا الْجَارُ الْمُلَاصِقُ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمُجَاوَرَةِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمَجْمُوعَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ دَارَ الْمُوصِي قَدْ تَكُونُ كَبِيرَةً فِي التَّرْبِيعِ فَيُسَامِتُهَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ أَكْثَرُ مِنْ دَارٍ لِصِغَرِ الْمُسَامِتِ لَهَا، أَوْ يُسَامِتُهَا دَارَانِ، يَخْرُجُ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا شَيْءٌ عَنْهَا، فَيَزِيدُ عَلَى الْعَدَدِ، وَيُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى عَدَدِ الدُّورِ، وَكُلُّ حِصَّةِ دَارٍ تُقَسَّمُ عَلَى سُكَّانِهَا، وَجِيرَانُ الْمَسْجِدِ مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ مِنْهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْجِيرَانُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ إِنْ جَمَعَهُمْ مَسْجِدٌ، فَإِنْ تَفَرَّقَ أَهْلُهَا فِي مَسْجِدَيْنِ صَغِيرَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ، فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَا عَظِيمَيْنِ، فَكُلُّ أَهْلِ مَسْجِدٍ جِيرَانٌ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مُسْتَدَارُ أَرْبَعِينَ دَارًا) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَحْتَمِلُ، وَعَنْهُ: ثَلَاثِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، ذَكَرَهَا ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَابْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute