حَيْضٍ، قَضَى لَا غَيْرَ، وَإِنْ أَفْطَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ، وَإِنْ أَفْطَرَ لِسَفَرٍ، أَوْ مَا يُبِيحُ الْفِطْرَ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ نَذَرَ صِيَامًا فَعَجَزَ عَنْهُ، لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَطْعَمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكَفِّرَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَإِنْ نَذَرَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَا تَرَكَ مَعَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْبِنَاءِ فَهَلْ يُتِمُّ ثَلَاثِينَ، أَوِ الْأَيَّامَ الْفَائِتَةَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَفِي التَّكْفِيرِ وَجْهٌ كَشَهْرَيِ الْكَفَّارَةِ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ (وَإِنْ أَفْطَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ) وِفَاقًا ضَرُورَةَ الْوَفَاءِ بِالتَّتَابُعِ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ (وَإِنْ أَفْطَرَ لِسَفَرٍ، أَوْ مَا يُبِيحُ الْفِطْرَ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَيْ: إِذَا أَفْطَرَ لِعُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ، كَالسَّفَرِ، فَقِيلَ: لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ، كَالْمَرَضِ الَّذِي يَجِبُ مَعَهُ الْفِطْرُ، وَقِيلَ: بَلَى، لِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِاخْتِيَارِهِ كَالْفِطْرِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَعَلَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَرَضِ الْمُبِيحِ، وَالسِّفْرِ الْمُبِيحِ، فَإِنَّ الْمَرَضَ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ، بِخِلَافِ السَّفَرِ، فَنَاسَبَ أَنْ يَقْطَعَ السَّفَرُ التَّتَابُعَ، لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ الْمَرَضِ (وَإِنْ نَذَرَ صِيَامًا فَعَجَزَ عَنْهُ، لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَطْعَمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا) مَعَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، لِأَنَّ سَبَبَ الْكَفَّارَةِ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ، وَسَبَبُ الْإِطْعَامِ الْعَجْزُ عَنْ وَاجِبِ الصَّوْمِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ السَّبَبَانِ وَاجْتَمَعَا، فَلَمْ يَسْقُطْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، لِعَدَمِ مَا يُسْقِطُهُ، وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ إِلَّا الْإِطْعَامُ فَقَطْ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ، كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ الْمَشْرُوعِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) هَذَا رِوَايَةٌ، ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْكَافِي، وَذَكَرَ أَنَّها أَقْيَسُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَسَائِرِ النُّذُورِ، وَقِيَاسُ الْمَنْذُورِ عَلَى الْمَنْذُورِ أَوْلَى، لِأَنَّ رَمَضَانَ يُطْعَمُ عَنْهُ عِنْدَ الْعَجْزِ بِالْمَوْتِ، فَكَذَلِكَ فِي الْحَيَاةِ، وَهَذَا بِخِلَافِهِ، وَيَتَخَرَّجُ أَلَّا تَلْزَمَهُ كَفَّارَةٌ فِي الْعَجْزِ عَنْهُ، كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنِ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَفِي النَّوَادِرِ احْتِمَالٌ يُصَامُ عَنْهُ، وَسَبَقَ فِعْلُ الْوَلِيِّ عَنْهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَكَذَا إِنْ نَذَرَهُ عَاجِزًا عَنْهُ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: مَا كَانَ نَذْرَ مَعْصِيَةٍ، أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمُرَادُهُمْ غَيْرُ الْحَجِّ، وَإِلَّا فَلَوْ نَذَرَ مَعْضُوبٌ أَوْ صَحِيحٌ أَلْفَ حَجَّةٍ لَزِمَهُ، وَيُحَجُّ عَنْهُ، وَالْمُرَادُ لَا يُطِيقُهُ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute