للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَقْرَبُ طِفْلًا أَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا زَوَّجَ الْأَبْعَدُ، وَإِنْ عَضَلَ الْأَقْرَبُ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ، وَعَنْهُ: يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ، وَإِنْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً، زَوَّجَ الْأَبْعَدُ، وَهِيَ مَا لَا تُقْطَعُ إِلَّا بِكُلْفَةٍ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ أَوْ سُلْطَانٍ، وَعَنْ جَابِرٍ مَعْنَاهُ مَرْفُوعًا رَوَاهُ الْبَرْقَانِيُّ ; وَلِأَنَّهَا إِحْدَى الْوِلَايَتَيْنِ، فَنَافَاهَا الْفِسْقُ كَوِلَايَةِ الْمَالِ، وَعَلَيْهَا يُكْتَفَى بِمَسْتُورِ الْحَالِ عَلَى مَا جَزَمَ الشَّيْخَانِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ السُّلْطَانُ الرَّشِيدُ، وَحَكَى ابْنُ حَمْدَانَ ثَالِثَةً: أَنَّ الْفَاسِقَ يَلِي نِكَاحَ عَتِيقَتِهِ فَقَطْ كَمَا قَبْلَ الْعِتْقِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إِذَا قُلْنَا: الْوِلَايَةُ الشَّرْطِيَّةُ تَبْقَى مَعَ الْفِسْقِ، فَالْوِلَايَةُ الشَّرْعِيَّةُ أَوْلَى، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ ; إِذِ الْوِلَايَةُ الشَّرْطِيَّةُ يُلْحَظُ فِيهَا حَظُّ الْمُوصِي وَنَظَرُهُ، بِخِلَافِهِ هُنَا.

أَصْلٌ: يُشْتَرَطُ فِيهِ الرُّشْدُ بِأَنْ يَعْرِفَ مَصَالِحَ النِّكَاحِ، وَمَعْرِفَةَ الْكُفْءِ، فَلَا يَضَعُهَا عِنْدَ مَنْ لَا يَحْفَظُهَا وَلَا يُكَافِئُهَا، وَقَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَغَيْرُهُمَا: يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِالْمَصَالِحِ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَفِي " شَرْحِ الْمُحَرَّرِ ": هُوَ ضِدُّ السَّفِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهُ إِذَا فُهِمَتْ إِشَارَتُهُ، وَالْأَصَحُّ: وَلَا بَصَرُهُ ; لِأَنَّ شُعَيْبًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهُوَ أَعْمَى ; وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَحْثِ وَالسَّمَاعِ.

(وَإِذَا كَانَ الْأَقْرَبُ طِفْلًا أَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا، زَوَّجَ الْأَبْعَدُ) مِنْ عُصْبَتِهَا ; لِأَنَّ وُجُودَهُمْ كَالْعَدَمِ، وَقَوْلُهُ: طِفْلًا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ به غير الْمُمَيِّزَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْعُرْفِ، فَعَلَيْهِ تَصِحُّ وِلَايَةُ الْمُمَيِّزِ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مُقَيَّدًا بِابْنِ عَشْرٍ، أَشْبَهَ الْبَالِغَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ به غير الْبَالِغَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: ٥٩] (وَإِنْ عَضَلَ الْأَقْرَبُ) فَلَمْ يُزَوِّجْهَا بِكُفْءٍ رَضِيَتْهُ، وَرَغِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ بِمَا صَحَّ مَهْرًا (زَوَّجَ الْأَبْعَدُ) نَصَّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ جُنَّ، وَحَدِيثُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ شَاهِدٌ بِذَلِكَ، وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] قَالَ: وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ. لَكِنْ لَوْ رَضِيَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ، كَانَ لِلْوَلِيِّ مَنْعُهَا مِنْهُ، فَلَوِ اخْتَلَفَا فِي تَعْيِينِ الْكُفْءِ، قُدِّمَ تَعْيِينُهَا عَلَيْهِ حَتَّى أنَّهُ يُعْضَلُ بِالْمَنْعِ وَيُفَسَّقُ بِهِ إِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُؤَلِّفُ التَّكَرُّرَ (وَعَنْهُ: يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ) اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ; لِقَوْلِهِ: «فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» وَالْحَاكِمُ نَائِبٌ عَنْهُ، وَكَمَا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>