للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَشَقَّةٍ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: مَا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ الْكِتَابُ، أَوْ يَصِلُ فَلَا يُجِيبُ عَنْهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: مَا لَا تَقْطَعُهُ الْقَافِلَةُ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً، وَعَنْ أَحْمَدَ: إِذَا كَانَ الْأَبُ بَعِيدَ السَّفَرِ، زَوَّجَ الْأَبْعَدُ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ.

وَلَا يَلِي كَافِرٌ نِكَاحَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَامْتَنَعَ مِنْ قَضَائِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَا حُجَّةَ فِيهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوِلَايَةِ وَالدَّيْنِ مِنْ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ الْوِلَايَةَ حَقٌّ للمولى والدين حق عَلَيْهِ، وَثَانِيهَا: أَنَّ الْوِلَايَةَ تَنْتَقِلُ عَنْهُ بِفِسْقٍ وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ، وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْوِلَايَةَ تُعْتَبَرُ فِي بَقَائِهَا الْعَدَالَةُ، وَقَدْ زَالَتْ بِالْعَضْلِ وَالدَّيْنَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ ذَلِكَ، نَعَمْ إِذَا اشْتَجَرُوا جَمِيعًا زَوَّجَ الْحَاكِمُ (وَإِنْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً، زَوَّجَ الْأَبْعَدُ) ; لِأَنَّهُ قَدْ تَعَذَّرَ التَّزْوِيجُ مِنَ الْأَقْرَبِ، فَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَى مَنْ يَلِيهِ، كَمَا لَوْ جُنَّ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَيْسَ فِيهِ سَلْب الأقرب مِنَ الْوِلَايَةِ، لَكِنْ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، بِدَلِيلِ مَا لَوْ زَوَّجَ الأقرب الْغَائِب فِي مَكَانِهِ، أَوْ وَكَّلَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ ثُمَّ غَابَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَ ثُمَّ جُنَّ، وَفِي " التَّعْلِيقِ ": إِذَا زَوَّجَ أَوْ وَكَّلَ فِي الْغَيْبَةِ، فَالْوِلَايَةُ بَاقِيَةٌ ; لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ، وَإِلَّا سَقَطَتْ، وَحَكَى قَوْلًا كَالْأَوَّلِ، وَذَكَرَ فِي " الِانْتِصَارِ " وَجْهًا: لَا تَنْتَقِلُ وِلَايَةُ مَالٍ إِلَيْهِ بِالْغَيْبَةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَمْ تَكُنْ أَمَةً، فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ (وَهِيَ مَا لَا تُقْطَعُ إِلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ) فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخَانِ ; لِأَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ يَعُدُّونَ ذَلِكَ مُضِرًّا، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ ; فَإِنَّ التَّحْدِيدَ بَابُهُ التَّوْقِيفُ وَلَا تَوْقِيفَ، (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: مَا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ الْكِتَابُ) كَمَنْ هُوَ فِي أَقْصَى بِلَادِ الْهِنْدِ (أَوْ يَصِلُ فَلَا يُجِيبُ عَنْهُ) قَدْ أَوْمَأَ أَحْمَدُ إِلَى هَذَا فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، قَالَ: الْمُنْقَطِعُ الَّذِي لَا تَصِلُ إِلَيْهِ الْأَخْبَارُ ; لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ تَتَعَذَّرُ مُرَاجَعَتُهُ، فَيَلْحَقُ الضَّرَرُ بِانْتِظَارِهِ (وَقَالَ الْقَاضِي) فِي " تَعْلِيقِهِ "، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي " خِلَافِهِ الصَّغِيرِ " وَهُوَ رِوَايَةُ (مَا لَا تَقْطَعُهُ الْقَافِلَةُ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً) كَسَفَرِ الْحِجَازِ ; لِأَنَّ الْكُفْءَ يَنْتَظِرُ سَنَةً، وَلَا يَنْتَظِرُ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَيَلْحَقُ الضَّرَرُ بِتَرْكِ تَزْوِيجِهَا، (وَعَنْ أَحْمَدَ: إِذَا كَانَ الْأَبُ بَعِيدَ السَّفَرِ، زَوَّجَ الْأَبْعَدُ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ) ; لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ بَعِيدًا، وَعَلَّقَ عَلَيْهِ رُخَصَ السَّفَرِ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْمَجْدُ رِوَايَةَ: أَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ كَمَا فِي الْعَضْلِ ; إِذِ الْأَبْعَدُ مَحْجُوبٌ بِالْأَقْرَبِ، وَالْوِلَايَةُ بَاقِيَةٌ، فَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِيهَا، وَقِيلَ مَا تَسْتَضِرُّ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>