قَطَعَ غُصْنًا فِي الْحِلِّ أَصْلُهُ فِي الْحَرَمِ، ضَمِنَهُ، وَإِنْ قَطَعَهُ فِي الْحَرَمِ، وَأَصْلُهُ فِي الْحِلِّ، لَمْ يَضْمَنْهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَمَنْ قَطَعَ غُصْنًا فِي الْحِلِّ أَصْلُهُ فِي الْحَرَمِ، ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بَعْضُ الْأَصْلِ مِنَ الْحَرَمِ تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ كَالصَّيْدِ، (وَإِنْ قَطَعَهُ فِي الْحَرَمِ، وَأَصْلُهُ فِي الْحِلِّ لَمْ يَضْمَنْهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ، وَالثَّانِي: يَضْمَنُهُ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَرَمِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ ".
فَائِدَةٌ: لَمْ يَذْكُرِ الْمُؤَلِّفُ حَدَّ الْحَرَمِ، وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ بُيُوتِ السُّقْيَا، وَمِنَ الْيَمَنِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ إِضَاءَةِ لِينٍ، وَمِنَ الْعِرَاقِ كَذَلِكَ عَلَى ثَنِيَّةِ زُحَلَ جَبَلٍ بِالْمُنْقَطِعِ، وَمِنَ الطَّائِفِ وَعَرَفَاتٍ وَبَطْنِ نَمِرَةَ كَذَلِكَ عِنْدَ طَرَفِ عُرَنَةَ، وَمِنَ الْجِعْرَانَةُ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ، وَمِنْ جُدَّةَ عَشَرَةُ أَمْيَالٍ عند مُنْقَطِعُ الْأَعْشَاشِ، وَمِنْ بَطْنِ عُرَنَةَ أَحَدَ عَشَرَ مِيلًا.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُخْرِجُ مِنْ تُرَابِ الْحَرَمِ، وَلَا يُدْخِلُ مِنَ الْحِلِّ كَذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَا يُخْرِجُ مِنْ حِجَارَةِ مَكَّةَ إِلَى الْحِلِّ، وَالْخُرُوجُ أَشَدُّ وَاقْتَصَرَ فِي " الشَّرْحِ " عَلَى الْكَرَاهَةِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُكْرَهُ إِخْرَاجُهُ إِلَى الْحِلِّ، وَفِي إِدْخَالِهِ فِي الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ، وَفِي " الْفُصُولِ ": لَا يَجُوزُ فِي تُرَابِ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِيهَا يُكْرَهُ أَيْضًا فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ، كَتُرَابِ الْحَرَمِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: يَحْرُمُ لِأَنَّ فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ انْتِفَاعًا بِالْمَوْقوفِ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ بِطِيبِ الْكَعْبَةِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، وَيُلْزِقُ عَلَيْهَا طِيبًا مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ، فَأَمَّا مَاءُ زَمْزَمَ، فَلَا يُكْرَهُ إِخْرَاجُهُ. قَالَ أَحْمَدُ: أَخْرَجَهُ كَعْبٌ، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، وَتُخْبِرُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَحْمِلُهُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَلِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ كَالثَّمَرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute