بِقِيمَتِهِ، وَالْغُصْنَ بِمَا نَقَصَ، فَإِنِ اسْتَخْلَفَ سَقَطَ الضَّمَانُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَمَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَكَرَعْيِهِ (وَمَنْ قَلَعَهُ) أَيْ: شَجَرَ الْحَرَمِ وَحَشِيشَهُ (ضَمِنَ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ (الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ بِبَقَرَةٍ) جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي الدَّوْحَةِ بَقَرَةٌ، وَفِي الْجَزْلَةِ شَاةٌ، وَقَالَهُ عَطَاءٌ، وَالدَّوْحَةُ الشَّجَرَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالْجَزْلَةُ: الصَّغِيرَةُ وَكَالْمُتَوَسِّطَةِ، وَعَنْهُ: فِي الْكَبِيرَةِ بَدَنَةٌ (وَالْحَشِيشَ) وَالْوَرَقَ (بِقِيمَتِهِ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْقِيمَةِ تَرَكَ فِيمَا تَقَدَّمَ لَفْظَ الصَّحَابَةِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ، (وَالْغُصْنُ مَا نَقَصَ) كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ، وَلِأَنَّهُ نَقَصَ بِفِعْلِهِ فَوَجَبَ فِيهِ بمَا نَقَصَهُ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى مَالِ آدَمِيٍّ فَنَقَصَ، وَعَنْهُ: فِي الْغُصْنِ الْكَبِيرِ شَاةٌ، وَعَنْهُ: يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِقِيمَتِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرِّرِ ".
فَعَلَى هَذَا إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمِثْلَ قَوَّمَهُ، ثُمَّ صَامَ، نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَفِي " الْوَجِيزِ " يُخَيَّرُ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ تَقْوِيمِهَا، وَيَفْعَلُ بِثَمَنِهَا كَجَزَاءِ صَيْدٍ، وَفِي " الْفُصُولِ " مَنْ لَمْ يَجِدْ، قَوَّمَ الْجَزَاءَ طَعَامًا كَصَيْدٍ (فَإِنِ اسْتَخَلَفَ سَقَطَ الضَّمَانُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا لَوْ قَطَعَ شَعْرَ آدَمِيٍّ، ثُمَّ نَبَتَ، وَالثَّانِي: لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ فَهُوَ كَمَا لَوْ حَلَقَ الْمُحْرِمُ شَعْرًا ثُمَّ عَادَ، وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَقْطُوعِ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَالصَّيْدِ، وَقِيلَ: يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُ قَاطِعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ فِيهِ فَهُوَ كَقَلْعِ الرِّيحِ لَهُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا قَلَعَ شَجَرَةً مِنَ الْحَرَمِ فَغَرَسَهَا فِيهِ فَنَبَتَتْ، فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهَا، وَلَمْ يُزِلْ حُرْمَتَهَا، فَإِنْ نَقَصَتْ، ضَمِنَ نَقْصَهَا أَوْ يَبِسَتْ، ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا، وَإِنْ غَرَسَهَا فِي الْحِلِّ فَنَبَتَتْ، رَدَّهَا لِإِزَالَةِ حُرْمَتِهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَوْ يَبِسَتْ ضَمِنَهَا، وَإِنْ قَلَعَهَا غَيْرُهُ فِي الْحِلِّ فَقَالَ الْقَاضِي: يَضْمَنُهُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا بِخِلَافِ مَنْ نَفَّرَ صَيْدًا، فَخَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ، ضَمِنَهُ الْمُنَفِّرُ لَا قَاتِلُهُ؛ لِتَفْوِيتِهِ حُرْمَتَهُ بِإِخْرَاجِهِ، وَيُحْتَمَلُ فِيمَنْ قَلَعَهُ أَنَّهُ كَدَالٍّ مَعَ قَاتِلٍ، فَظَهَرَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رُدَّ إِلَى الْحَرَمِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute