وَفِي جَوَازِ الرَّعْيِ وَجْهَانِ، وَمَنْ قَلَعَهُ ضَمِنَ الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ بِبَقَرَةٍ، وَالْحَشِيشَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
زَالَ بِغَيْرِ فِعْلٍ آدَمِيٍّ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ فِي الْقَطْعِ، (وَالْإِذْخِرَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْعَبَّاسِ «إِلَّا الْإِذْخِرَ» وَيُلْحَقُ بِهِ الْكَمْأَةُ، وَالثَّمَرَةُ، (وَمَا زَرَعَهُ الْآدَمِيُّ) ؛ لِأَنَّ فِي تَحْرِيمِهِ ضَرَرًا عَلَى مَنْ زَرَعَهُ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرَعًا فَيَحْتَمِلُ اخْتِصَاصُهُ بِالزَّرْعِ مِنَ الْبَقْلِ وَالرَّيَاحِينِ وَالزَّرْعِ، قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ إِطْلَاقِ الزَّرْعِ، وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الْمَنْعُ فِيمَا أَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّ مِنَ الشَّجَرِ، وَهُوَ خِلَافُ الرَّاجِحِ، وَهَذَا إِجْمَاعٌ عَلَى إِبَاحَتِهِ.
فَعَلَى هَذَا لَا يُبَاحُ مَا أَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّ مِنَ الْأَشْجَارِ، وَجَزَمَ ابْنُ الْبَنَّا فِي " خِصَالِهِ " بِالْجَزَاءِ لِلنَّهْيِ عَنْ قَطْعِ شَجَرِهَا، وَكَمَا لَوْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ أَنْبَتَهُ فِي الْحَرَمِ أَوَّلًا فَفِيهِ الْجَزَاءُ، وَإِنْ أَنْبَتَهُ فِي الْحِلِّ، ثُمَّ غَرَسَهُ فِي الْحَرَمِ فَلَا، وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": إِنَّ مَا أَنْبَتَهُ مِنْ جِنْسِ شَجَرِهِمْ لَا يَحْرُمُ كَجَوْزٍ، وَنَخْلٍ كَالزَّرْعِ، وَالْآهِلُ مِنَ الْحَيَوَانِ، فإنا إِنَّمَا أَخْرَجْنَا مِنَ الصَّيْدِ مَا كَانَ أَصْلُهُ إِنْسِيًّا دُونَ مَا تَأْنَسُ مِنَ الْوَحْشِ، كَذَا هُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ الْعُمُومَ فِي كُلِّ مَا أَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّ فَيَعُمُّ الْأَشْجَارَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وَأَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ أَنْبَتَهُ آدَمِيٌّ، وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكُ الْأَصْلِ كَالْأَنْعَامِ، وَالْجَوَابُ عَنِ النَّهْيِ بِأَنَّ شَجَرَ الْحَرَمِ هُوَ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ، وَلَا يَمْلِكُهُ أَحَدٌ، وَهَذَا مُضَافٌ إِلَى مَالِكِهِ فَلَا يَعُمُّهُ الْخَبَرُ.
(وَفِي جَوَازِ الرَّعْيِ) أَيْ: رَعْيِ حَشِيشِهِ (وَجْهَانِ) وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ: إحداهما: الْمَنْعُ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُهُ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ الْبَنَّا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ مَا حَرُمَ إِتْلَافُهُ بِنَفْسِهِ حَرُمَ أَنْ يُرْسَلَ عَلَيْهِ مَا يُتْلِفُهُ كَالصَّيْدِ، وَعَكْسُهُ الْإِذْخِرُ.
وَالثَّانِيَةُ: الْجَوَازُ، اخْتَارَهُ أَبُو حَفَصٍ الْعُكْبَرِيُّ؛ لِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تَدْخُلُ الْحَرَمَ فَتَكْثُرُ فِيهِ فَلَمْ يُنْقَلْ شَدُّ أَفْوَاهِهَا، وَلِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ كَالْإِذْخِرِ، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْخِلَافُ إِنْ أَدْخَلَهَا لِلرَّعْيِ، فَإِنْ أَدْخَلَهَا لِحَاجَتِهِ، فَلَا ضَمَانَ، وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ " إِنِ احْتَشَّهُ لَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute