فِي الْحَرَمِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِسَهْمِهِ، ضَمِنَهُ
فَصْلٌ وَيَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ وَحَشِيشِهِ إِلَّا الْيَابِسَ وَالْإِذْخِرَ وَمَا زَرَعَهُ الْآدَمِيُّ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ مِنَ الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ، فَقَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ) .
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ بَلْ دَخَلَ بِاخْتِيَارِهِ أَشْبَهُ مَا لَوِ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ صَيْدًا حَرَمِيًّا بِإِرْسَالِ طَيْرٍ عَلَيْهِ، أَشْبَهُ مَا لَوْ قَتَلَهُ بِسَهْمٍ، وَحَكَى صَالِحٌ عَنْ أَحْمَدَ: إِنْ كَانَ الصَّيْدُ قَرِيبًا مِنَ الْحَرَمِ، ضَمِنَهُ لِتَفْرِيطِهِ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ ". فَعَلَى هَذَا لَا يَضْمَنُ صَيْدًا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْهُ عَلَيْهِ كَاسْتِرْسَالِهِ، وَعَنْهُ: بَلَى لِتَفْرِيطِهِ (وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِسَهْمِهِ ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ صَيْدًا حَرَمِيًّا أَشْبَهُ مَا لَوْ رَمَى حجرا، فأصاب صَيْدًا، إِذِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَاحِدٌ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ، وَهَذَا لَا يَخْرُجُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَبِهِ فَارَقَ الْكَلْبُ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا وَقَصْدًا، وَفِي " الْفُرُوعِ ": إِنْ قَتَلَ السَّهْمُ صَيْدًا غَيْرَ الَّذِي قَصَدَهُ فَكَالْكَلْبِ، وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ الرَّامِي.
فَصْلٌ (وَيَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ الْبَرِّيِّ) إِجْمَاعًا، وَسَنَدُهُ «وَلَا يُعَضَّدُ شَجَرُهَا» فَدَخَلَ مَا فِيهِ مَضَرَّةٌ كَالشَّوْكِ، وَالْعَوْسَجِ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا لَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مُؤْذٍ بِطَبْعِهِ كَالسِّبَاعِ، (وَحَشِيشِهِ) لِقَوْلِهِ «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا» قَالَ: أَحْمَدُ لِلْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ لَا يُحْتَشُّ مِنْ حَشِيشِ الْحَرَمِ، وَيَعُمُّ الْأَرَاكَ، وَالْوَرَقَ (إِلَّا الْيَابِسَ) ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَكَذَا مَا انْكَسَرَ، وَلَمْ يُبْنَ فَإِنَّهُ كَظُفْرٍ مُنْكَسِرٍ، وَلَا بِأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute