كَافِرًا، وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِالْقَوْلِ، وَإِنْ نَوَاهُ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ لَمْ يَصِحَّ، وَلَا يَصِحُّ فِي مُحَالٍ وَلَا وَاجِبٍ، فَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ، أَوْ صَوْمُ رَمَضَانَ، لَمْ يَنْعَقِدْ.
وَالنَّذْرُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يُسْتَحَبُّ، لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْهُ، وَقَالَ: «إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا نَهْيُ كَرَاهَةٍ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَرَامًا، لَمَا مَدَحَ الْمُوفِينَ بِهِ، لَأَنَّ ذَمَّهُمْ مِنَ ارْتِكَابِ الْمُحَرَّمِ أَشَدُّ مِنْ طَاعَتِهِمْ فِي وَفَائِهِ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَفَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يَرُدُّ قَضَاءً، وَلَا يَمْلِكُ بِهِ شَيْئًا مُحْدَثًا، وَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي تَحْرِيمِهِ، وَحَرَّمَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: الْمَذْهَبُ مُبَاحٌ (وَهُوَ: أَنْ يُلْزِمَ نَفْسَهُ لِلَّهِ تَعَالَى شَيْئًا) يَحْتَرِزُ بِهِ عَنِ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ، فَيَقُولُ: لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِلَّا مَعَ دَلَالَةِ حَالٍ، وَفِي الْمَذْهَبِ: بِشَرْطِ إِضَافَتِهِ، فَيَقُولُ: لِلَّهِ عَلَيَّ (وَلَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ) فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ، كَالْإِقْرَارِ وَكَالطِّفْلِ، (مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا) ذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَشَرْطُهُ: أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا، أَمَّا الْأَوَّلُ، فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَيَصِحُّ مِنْهُ، وَلَوْ بِعِبَادَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِحَدِيثِ عُمَرَ: إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ.» وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ، وَالْمَخْزُومِيِّ، وَالْبُخَارِيِّ، وَابْنِ جَرِيرٍ، وَقَالَ الْأَكْثَرُ: لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ، وَحَمَلُوا خَبَرَ عُمَرَ عَلَى النَّدْبِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ مِنْهُ غَيْرَ عِبَادَةٍ، لِأَنَّ نَذْرَهُ لَهَا كَالْعِبَادَةِ لَا الْيَمِينِ (وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِالْقَوْلِ) لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ بِغَيْرِهِ، كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ، (وَإِنْ نَوَاهُ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ لَمْ يَصِحَّ) كَالْيَمِينِ (وَلَا يَصِحُّ فِي مُحَالٍ وَلَا وَاجِبٍ، فَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ، أَوْ صَوْمُ رَمَضَانَ، لَمْ يَنْعَقِدْ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى: أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُ الْمُسْتَحِيلِ، كَصَوْمِ أَمْسِ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ انْعِقَادُهُ، وَالْوَفَاءُ بِهِ أَشْبَهَ الْيَمِينَ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ، وَقِيلَ: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ، وَمُوجِبُهُ مُوجِبُهَا، إِلَّا فِي لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ إِذَا كَانَ قُرْبَةً، وَأَمْكَنَهُ فِعْلُهُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأُخْتِ عُقْبَةَ، لَمَّا نَذَرَتِ الْمَشْيَ، وَلَمْ تُطِقْهُ، فَقَالَ: «لِتُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهَا، وَلْتَرْكَبْ» ، وَفِي رِوَايَةٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute