وَلَا بِمَنْ يُخَالِفُ ضَرَرُهُ ضَرَرَهُ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ وَمَا دُونَهَا فِي الضَّرَرِ مِنْ جِنْسِهَا، فَإِذَا اكْتَرَى لِزَرْعِ الْحِنْطَةِ فَلَهُ زَرْعُ الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ، وَلَيْسَ لَهُ زَرْعُ دُخْنٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَمْلِكُ الْغَرْسَ وَلَا الْبِنَاءَ، وَإِنِ اكْتَرَاهَا لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَمْلِكِ الْآخَرَ، وإِنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْعَقْدِ إِذْ مُوجَبُهُ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ، وَالتَّسْلِيطُ عَلَى اسْتِيفَائِهَا بِنَفْسِهِ وَنَائِبِهِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَخْصِيصِهِ (وَبِمِثْلِهِ) أَيْ إِذَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الضَّرَرِ أَوْ دُونَهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ، فَيُعْتَبَرُ كَوْنُ رَاكِبٍ مِثْلِهِ فِي طُولٍ، وَقِصَرٍ لَا الْمَعْرِفَةُ بِالرُّكُوبِ خِلَافًا لِلْقَاضِي ; لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي غَيْرِ هَذَا يَسِيرٌ (وَلَا يَجُوزُ بِمَنْ هُوَ أَكْثَرُ ضَرَرًا مِنْهُ) لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى اسْتِيفَاءَ مَنْفَعَةٍ مُقَدَّرَةٍ فَلَا يَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا عَقَدَ عَلَيْهِ (وَلَا بِمَنْ يُخَالِفُ ضَرَرُهُ ضَرَرَهُ) لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ أَوْ غَيْرَ مَا يَسْتَحِقُّهُ (وَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ) الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا مِنْ زَرْعٍ أَوْ بِنَاءٍ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ (وَمَا دُونَهَا فِي الضَّرَرِ مِنْ جِنْسِهَا) لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لَهُ اسْتِيفَاءُ نَفْسِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا فَمَا دُونَهَا أَوْلَى.
قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا تَمْرًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ إِذَا كَانَ الْوَزْنُ وَاحِدًا (فَإِذَا اكْتَرَى لِزَرْعِ الْحِنْطَةِ فَلَهُ زَرْعُ الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ) كَبَاقِلَّاءَ ; لِأَنَّهُ دُونَهُ فِي الضَّرَرِ، وَعُلِمَ مِنْهُ جَوَازُ زَرْعِ الْحِنْطَةِ ; لِأَنَّهَا الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، فَلَوْ قَالَ: ازْرَعْ حِنْطَةً وَلَا تَزْرَعْ غَيْرَهَا، فَذَكَرَ الْقَاضِي بُطْلَانَ الشَّرْطِ ; لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ كَيْفَ شَاءَ، فَلَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ زَرْعُ غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ حَتَّى لَوْ وَصَفَ الْحِنْطَةَ بِأَنَّهَا سَمْرَاءُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَزْرَعَ بَيْضَاءَ ; لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ، فَلَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ عَنْهُ كَالدَّرَاهِمِ فِي الثَّمَنِ، وَرُدَّ بِالْفَرْقِ، وَالْمَاءُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ (وَلَيْسَ لَهُ زَرْعُ دُخْنٍ وَنَحْوِهِ) كَقُطْنٍ لِأَنَّهُ فَوْقَهُ فِي الضَّرَرِ، فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى مَعَ تَفَاوُتِهِمَا فِي أَجْرِ الْمِثْلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَوْجَبَ أَبُو بَكْرٍ وَالْمُؤَلِّفُ أَجْرَ الْمِثْلِ خَاصَّةً، وَمِثْلُهُ لَوْ سَلَكَ طَرِيقًا أَشَقَّ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَ " الْفُرُوعِ ".
(وَلَا يَمْلِكُ الْغَرْسَ وَلَا الْبِنَاءَ) لِمَا ذَكَرْنَا (وَإِنِ اكْتَرَاهَا لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَمْلِكِ الْآخَرَ) لِأَنَّ ضَرَرَ كُلِّ وَاحِدٍ يُخَالِفُ ضَرَرَ الْآخَرِ ; لِأَنَّ الْغَرْسَ يَضُرُّ بِبَاطِنِ الْأَرْضِ، وَالْبِنَاءَ يَضُرُّ بِظَاهِرِهَا (وَإِنِ اكْتَرَاهَا لِلْغَرْسِ مَلَكَ الزَّرْعَ) لِأَنَّ ضَرَرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute