للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرِضَ لَمْ يُخْرَجْ حَتَّى يَبْرَأَ، وَإِنْ مَاتَ دُفِنَ بِهِ. وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ تَيْمَاءَ وَفَيْدٍ وَنَحْوِهِمَا. وَهَلْ لَهُمْ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) . قَالَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ حَدٌّ يُتِمُّ بِهِ الْمُسَافِرُ، فَصَارَ كَالْمُقِيمِ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ لَا يُقِيمُونَ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَذِنَ لِمَنْ دَخَلَ تَاجِرًا إِقَامَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَدَلَّ عَلَى الْمَنْعِ فِي الزَّائِدِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ حَالٌّ، أُجْبِرَ غَرِيمُهُ عَلَى وَفَائِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ، جَازَتِ الْإِقَامَةُ لِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا، لَمْ يُمَكَّنْ، وَيُوَكِّلُ. (وَإِنْ مَرِضَ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يَبْرَأَ) لِأَنَّ الِانْتِقَالَ يَشُقُّ عَلَى الْمَرِيضِ فَهُوَ يُقِيمُ ضَرُورَةً. (وَإِنْ مَاتَ دُفِنَ بِهِ) لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ: كَالْحَرَمِ.

(وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ تَيْمَاءَ وَفَيْدَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَيَاءٍ مُثَنَّاةٍ بَعْدَهَا دَالٌ، وَهِيَ مِنْ بِلَادِ طَيْءٍ. (وَنَحْوِهِمَا) لِمَا مَرَّ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْخُلَفَاءِ لَمْ يُخْرِجْ أَحَدًا مِنْ ذَلِكَ. (وَهَلْ لَهُمْ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ) أَيْ: مَسَاجِدِ الْحِلِّ (بِإِذْنِ مُسْلِمٍ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .

إِحْدَاهُمَا: وَهِيَ الْمَذْهَبُ: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا بَصُرَ بِمَجُوسِيٍّ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَ وَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَلِأَنَّ حَدَثَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ يَمْنَعُ، فَالشِّرْكُ أَوْلَى.

وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ، صَحَّحَهَا فِي " الْكَافِي " وُ " الشَّرْحِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ «أَنَّ، وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَهُمُ الْمَسْجِدَ قَبْلَ إِسْلَامِهِمْ، لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ» ، وَكَاسْتِئْجَارِهِ لِبِنَائِهِ، وَلَا سِيَّمَا لِمَصْلَحَةٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي: يَجُوزُ لِيَسْمَعُوا الذِّكْرَ، فَتَرِقَّ قُلُوبُهُمْ وَيُرْجَى إِسْلَامُهُمْ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إِنْ شَرَطَ الْمَنْعَ فِي عَقْدِ ذِمَّتِهِمْ مُنِعُوا، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا، فَوَجْهَانِ، فَلَوْ قَصَدُوهَا بِأَكْلٍ وَنَوْمٍ؛ مُنِعُوا. ذَكَرَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ. وَقَدْ رُوِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْكِتَابِيِّ وَغَيْرِهِ.

تَذْنِيبٌ: يَجُوزُ عِمَارَةُ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُسْوَتُهُ وَإِشْعَالُهُ بِمَالِ كُلِّ كَافِرٍ، وَأَنْ يَبْنِيَهُ بِيَدِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>